وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن سلمة بن كهيل عن أبيه عن أبي الطفيل عن ابن واثلة، أنه سمع زيد بن أرقم يقول: نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مكة والمدينة عند شجرات خمس دوحات عظام، فكنس الناس ما تحت الشجرات، ثم راح رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية فصلى، ثم قام خطيبا " فحمد الله وأثنى عليه، وذكر ووعظ، فقال ما شاء الله أن يقول، ثم قال: أيها الناس، إني تارك فيكم أمرين، لن تضلوا إن اتبعتموها، وهما كتاب الله، وأهل بيتي عترتي، ثم قال: أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم ثلاث مرات؟ قالوا: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
من كنت مولاه، فعلي مولاه (1).
ولعل من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن وجه الدلالة على العصمة في الأحاديث الآنفة الذكر (حديث الثقلين - بطرق وصيغ مختلفة) إنما هو أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما قد لازم بين أهل بيته عليهم السلام، وبين القرآن المعصوم، ومن لازم المعصوم فهو معصوم. قالوا: وإذا أثبت عصمة أهل البيت، وجب أن يكون إجماعهم حجة لامتناع الخطأ والرجس عليهم، بشهادة المعصوم، وإلا لزم وقوع الخطأ فيه، وأنه محال.
واعترض الجمهور بأن قالوا: لا نسلم أن أهل البيت في الآية الكريمة (الأحزاب 33)، بل هم نساء النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما ما أكدتم به عصمتهم من السنة، فأخبار آحاد، لا تقولون بها، مع أن دلالتها ضعيفة. وأجاب الشيعة: إن أهل البيت في الآية إنما هم: علي وفاطمة والحسن والحسين، وهو أمر ثابت بالنص والإجماع، وقد قال به كثيرون، قال به أبو سعيد الخدري وأنس بن مالك وواثلة بن الأسقع، وأم المؤمنين عائشة، وأم المؤمنين أم سلمة، وابن أبي سلمة - ربيب النبي صلى الله عليه وسلم - وسعد وغيرهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.