وهناك تفسيران للعصمة:
أحدهما: أنها أمور يفعلها الله تعالى بالمكلف، فتقضي ألا يفعل المعصية اقتضاء غير بالغ إلى حد الإيجاب، وفسروا هذه الأمور، فقالوا: إنها أربعة أشياء، أولها: أن يكون لنفس الإنسان ملكة مانعة من الفجور، داعية إلى العفة، وثانيها: العلم بمثالب المعصية، ومناقب الطاعة. وثالثها: تأكيد ذلك العلم بالوحي والبيان من الله تعالى. ورابعها: أنه متى صدر عنه خطأ من باب النسيان والسهو، لم يترك مهلا " بل يعاقب وينبه، ويضيق عليه العذر.
قالوا: فإذا اجتمعت هذه الأمور الأربعة، كان الشخص معصوما " عن المعاصي لا محالة، لأن العفة إذا انضاف إليها العلم، بما في الطاعة من سعادة، وما في المعصية من شقاوة، ثم أكد ذلك تتابع الوحي إليه وترادفه، وتظاهر البيان عنده، وتمم ذلك خوفا " من العقاب على القدر القليل، حصل من اجتماع هذه الأمور حقيقة العصمة.
وثانيهما: - العصمة لطف يمتنع المكلف عند فعله من القبيح اختيارا "، وقد يكون ذلك اللطف خارجا " عن الأمور الأربعة المعدودة، مثل أن يعلم الله تعالى أنه إن أنشأ سحابا "، أو أهب ريحا "، أو حرك جسما "، فإن زيدا " يمتنع عن قبيح مخصوص اختيارا "، فإنه تعالى يجب عليه فعل ذلك، ويكون هذا اللطف عصمة لزيد، وإن كان الإطلاق المشتهر في العصمة، إنما هو لمجموع ألطاف يمتنع المكلف بها عن القبيح مدة زمان تكليفه (1).
وترى الشيعة الإمامية أن الأنبياء لا تجوز عليهم الكبائر ولا الصغائر، لا عمدا " ولا خطأ، ولا سهوا "، ولا على سبيل التأويل والتشبيه، وكذلك قولهم في الأئمة (2).