وهذه المرأة والرجلان، أحدهما زوجها، والآخر أبوها، وإن أباها - يا أمير المؤمنين - زعم أن زوجها حلف بطلاقها، أن علي بن أبي طالب عليه السلام، خير هذه الأمة، وأولاها برسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه يزعم أن ابنته طلقت منه، وأنه لا يجوز له في دينه أن يتخذه صهرا "، وهو يعلم أنها حرام عليه كأمه.
وإن الزوج يقول: كذبت، وأثمت، لقد بر قسمي، وصدقت مقالتي، وإنها امرأتي - على رغم أنفك، وغيظ قلبك - فاجتمعوا إلي يختصمون في ذلك، فسألت الرجل عن يمينه، فقال: نعم، قد كان ذلك، وقد حلفت بطلاقها: أن عليا " خير هذه الأمة، وأولاها برسول الله صلى الله عليه وسلم، عرفه من عرفه، وأنكره من أنكره، فليغضب من غضب، وليرض من رضى.
وتسامع الناس بذلك، فاجتمعوا له، وإن كانت الألسن مجتمعة، فالقلوب شتى، وقد علمت - يا أمير المؤمنين - اختلاف الناس في أهوائهم، وتسرعهم إلى ما فيه الفتنة، فأحجمنا عن الحكم، لتحكم بما أراك الله، وإنهما تعلقا بها، وأقسم أبوها أن لا يدعها معه، وأقسم زوجها أن لا يفارقها، ولو ضربت عنقها، إلا أن يحكم عليه بذلك حاكم لا يستطيع مخالفته، والامتناع منه فرفعناهم إليك يا أمير المؤمنين، أحسن الله توفيقك وأرشدك.
قال: فجمع عمر بن عبد العزيز بني هاشم وبني أمية، وأفخاذ قريش، ثم قال لأبي المرأة: ما تقول أيها الشيخ؟
قال: يا أمير المؤمنين، هذا الرجل زوجته ابنتي، وجهزتها إليه بأحسن ما يجهز به مثلها، حتى إدا أملت خيره، ورجوت صلاحه، حلف بطلاقها كاذبا " ثم أراد الإقامة معها.
فقال له عمر: يا شيخ، لعله لم يطلق امرأته، فكيف حلف؟ قال الشيخ:
سبحان الله، الذي حلف عليه لأبين حنثا "، وأوضح كذبا "، من أن يختلج في