إحدى مصاديق الشعار، كما هو الظاهر من قرينة (من) التبعيضية، ودخولها على منتهى الجموع.
على أن ذكر البعض مما لا ينافي ثبوت الآخرين، فتخصيص الشعائر بالهدي والنسك خاصة دون غيره، تخصيص بلا دليل.
فإن قلت: إن الدليل هو الجعل فيه دون غيره، فتكون النسك مجعولا في الشعارية.
قلت: لما كانت البدنة لذاتها مع قطع النظر من اعتبار النسكية للحج، غير ظاهرة في الشعارية، كما أن النعل وتقليدها أيضا كذلك، فكانت - لا جرم - تحتاج إلى ما يصرفها إليها، وهو قرينة الجعل.
كما أن الصفا والمروة والهرولة فيهما، مما هي بذاتها مفتقرة إليها، ولم تكن غنية عنها، فنص عليها بقوله تعالى: {إن الصفا والمروة من شعائر الله}.
بخلاف ما إذا كان الشئ ظاهرا في الشعارية، فإنه لا يحتاج إليها، فالتمسك بإطلاق الشعار كاف في مصاديقه ما لم يقم دليل على خلافه في الشعارية.
هذا، وأنت ترى أن المشاهد والقباب المشرفة للأئمة وأكابر الصحابة من عترة الرسول، بمظهريتها عن أولئك الأطائب، من آيات الله، وحملة علمه ووحيه وحماة دينه وشريعته والدعاة إليه، من أظهر مصاديق الشعائر؟
كيف، وهي البيوت التي (أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه).
كما أن الحلي والحلل والزينة اللائقة بها فيها، مما يقصد بها الأبهة الدينية، تجاه الأجانب من منكري دين النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ربما تعد أيضا من الشعائر.
هذا كله لأن تعظيم ما هو شعائر الله مما يرجع إلى تعظيم الله سبحانه، بل هو تعظيمه في الحقيقة، والإنفاق في هذه السبيل إنما هو من امتحان القلب للتقوى تقوى القلب.