فوافاهم قبل شروق الشمس ووقع القتال والوهابية ينادون هاه يا مشركون فانهزمت الوهابية وغنموا منهم سبعين هجينا وكانت الحرب بقدر ساعتين ثم انتقل العسكر إلى الصفراء والجديدة واجتمع مع الوهابية كثير من قبائل العرب فوقع القتال ثالث عشر ذي القعدة ووجد العسكر المصري متاريس فحاربوا عليها حتى أخذوها وصعدوا إلى الجبال فهالهم كثرة جيش الوهابية وسارت الخيل في مضيق الجبال وبقيت الحرب في أعاليها يوما وليلة فما شعر السفلانيون إلا والذين في الأعالي هابطون منهزمين فانهزموا جميعا وتركوا خيامهم وأثقالهم وساروا طالبين السفن التي كانوا أعدوها بساحل البريك احتياطا ووقع في قلوبهم الرعب وظنوا أن الوهابيين في أثرهم والحال أنهم لم يتبعوهم فازدحموا على السفن وذهب كثير منهم مشاة إلى ينبع البحر ورجع طوسون وخاصته والخيالة إلى ينبع البحر فبقوا فيها خمسة وعشرين يوما وبعد الإذن من محمد علي باشا حضر طوسون ومن معه إلى مصر ومعهم العلماء والمحروقي في أوائل سنة 1227 فسخط محمد علي باشا على العسكر وطرد الذين جاؤوا بغير إذن ولم يثنه ما وقع عن عزمه وشرع في تجهيز جيش آخر فبعث عسكرا من طريق البحر مع خزانداره الملقب بونابرته وأمره أن يكون هو وطوسوس في ينبع لمحافظتها وأرسل عسكرا مع صالح آغا إلى ينبع عن طريق البر وسافر عدة من عسكر المغاربة والعثمانيين إلى ينبع وجاءت عساكر كثيرة من الأتراك وعينت للسفر وقام هو بلوازمهم وصار يوالي إرسال العساكر برا وبحرا وأظهر العزم على السفر بنفسه إلى الحجاز فاجتمعت العساكر في ينبع ومعهم صناديق الأموال فأخذوا في تألف العربان واستمالتهم بالمال واستولت عساكر الأتراك على عقبة الصفراء والجديدة بدون حرب بل بالمخادعة والمصالحة مع العرب وتدبير شريف مكة الذي كان يكاتبهم سرا ويكاتبونه ويعملون بتدبيره ولم يجدوا بها أحدا من الوهابيين ثم وصلت عساكر الأتراك إلى المدينة المنورة ونزلوا بفنائها ثم إن كبراء العرب الذين استمالوهم ومنهم شيخ الحويطات أخبروا أن الهزيمة السابقة كانت من مقاتلة عرب حرب والصفراء المتوهبين وأنهم مجهودون والوهابية لا يعطونهم شيئا ويقولون قاتلوا عن دينكم وبلادكم فإذا بذلت لهم الأموال صاروا معكم وملكوكم البلاد فأرسل محمد علي بعض أمرائه ومعه صناديق الأموال والكسوة وأشاع الخروج بنفسه واستمر على إرسال النجدات وهو معسكر خارج باب النصر دائب على
(٣٩)