الشريف يحيى ابن أخي الشريف غالب إمارة مكة قبل شيوع الخبر فأحضروه وألبسه محمد علي فرو سمور وشالا ثمينا وأحضر له صندوقا من المال وأركبوه على فرس مرخت ومشت القواسة بين يديه حتى أوصلوه إلى داره وعندها علمت الناس بحقيقة الحال وارتجت البلد وعزلت الأسواق خوفا من فتنة فلم يحصل شئ وفي الليل أرسلوا الشريف غالبا وأولاده مع أربعة عبيد طواشية إلى جدة ومعهم عسكر فأخذ العسكر ما في جيوبه ثم أرسلوا إلى مصر فوصلوها في المحرم سنة 1229 وضربوا لوصولهم عدة مدافع ودخل الشريف مصر بالإجلال والإكرام لكن منعت الناس من السلام عليه إلا خواص الباشا ثم أرسلوا حريمه إلى مصر واستولى الباشا على جميع موجودات الشريف فأخذ ما لا يحصيه إلا الله وأخرج حرمه وجواريه من داره بما عليهن من الثياب بعدما فتشوهن تفتيشا فاحشا. وفي خلاصة الكلام إن العساكر نهبت داره التي بجياد وأخذوا منها أموالا كثيرة وأخرجوا أهله منها بصورة شنيعة وحضر مرسوم من إسلامبول بإرجاع ما أخذ من الشريف فصالحوه عنه بخمسمائة كيس وكان أكثر من ذلك بكثير. وفي شعبان من هذه السنة أرسلوه مع أولاده وحريمه إلى سالونيك فأقام بها منفيا إلى أن توفي رحمه الله تعالى سنة 1221 وكان من دهاة العالم وكانت إمارته نحوا من سبع وعشرين سنة.
* مداومة محمد علي باشا على حرب الوهابية * ثم استحضر الباشا من مصر سبعة آلاف عسكري وسبعة آلاف كيس وكان بناحية تربة امرأة مشهورة بالشجاعة تسمى غالية هي الأميرة على العرب واجتمع عندها كثير من أمراء الوهابية وجنودهم فأرسل إليها الباشا عسكرا سنة 1229 فهزمته شر هزيمة ثم أرسل إليها ابنه طوسون فحاربتهم ثمانية أيام ورجعوا منهزمين ونفرت العرب من الباشا بما صنعه مع الشريف غالب وانضم كثير من الأشراف إلى الخصم ووقع الغلاء بالحرمين.
وفيها في ربيع الثاني مات سعود أمير الوهابية في الدرعية وتولى مكانه ابنه عبد الله وفية أرسل الباشا عساكر كثيرة إلى ناحية القنفذة برا وبحرا فاستولوا عليها وهرب من فيها من الوهابية ولم يجدوا فيها غير أهلها فقتلوهم فتجمعت قبائل عسير مع طامي أبي نقطة وحاصروا القنفذة ومنعوا عنها الماء فانهزمت العساكر وقتل كثير منهم فأرسل الباشا إليهم نجدة فهزموها.