نبي فمن دونه " لا يقال " التعظيم الذي نص الشرع عليه وأمر به لا كلام لنا فيه إنما لكلام فيما لم ينص عليه الشرع (لأنا نقول) إذا فرض أن كل تعظيم عبادة وكل عبادة لغير الله شرك يكون الله تعالى قد أمر بالشرك ورضيه وأحبه وذلك باطل لقبح الشرك عقلا ونقلا (إن الله لا يغفر أن يشرك به) ولا يمكن أن يرخص الله تعالى في الشرك، وورد الأمر به لا يرفع الشركية لأن ما هو شرك قبل الأمر لا يصير توحيدا بالأمر به إذ الحكم لا يغير الموضوع كما مر في المقدمات مع أنه كما يقال بورود الشرع بتعظيم هذه المذكورات يقال بوروده بتعظيم قبور الأنبياء والصالحين لما عرفت من أن فضلها وبركتها الموجب لتعظيمها ثابت بضرورة الشرع وكيف أمر الله بتعظيم المقام وما هو إلا صخرة تشرفت بقيام إبراهيم عليه السلام عليها حين بناء البيت وبأثر قدمه ولم تكن وثنا معبودا ولا معظمها كافرا ولا مشركا وكان معظم قبر إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام وقبر محمد (ص) سيد ولد آدم الذين حويا جسديهما الشريفين كافرا ومشركا سبحانك اللهم هذا بهتان عظيم. وتوهم ورود النهي عن تعظيم القبور بينا فساده في محاله " ويكفي " في حرمة القبور وشرفها وفضلها وبركتها إيصاء الصاحبين أن يدفنا مع النبي " ص " وقد عد دفنهما معه أعظم منقبة لهما ولو كانت القبور ليس لها حرمة وشرف ولا ترجى بركتها وبركة جوارها فما الموجب لذلك ولما أراد بنو هاشم تجديد العهد بالحسن بن علي " ع " بجده " ص " وظن بنو أمية وأعوانهم أنهم يريدون دفنه عند جده لبسوا السلاح ومنعوهم أشد المنع قائلين أيدفن عثمان في أقصى البقيع ويدفن الحسن عند جده وإذا لم يكن للقبر حرمة ولا شرف وبركة ترجى فلماذا يأتي بنو هاشم بجنازة الحسن ليجددوا به عهدا بجده " ص " بوصية منه وهل هذا إلا عين التوسل والتبرك بالنبي " ص " وبقبره بعد الموت الذي أنكره الوهابية وجعلوه شركا وهل أشرك الحسن " ع " وبنو هاشم بفعلهم هذا وجهلوا معنى التوحيد الذي عرفه أعراب نجد إذا لم يكن للقبور شرف وحرمة فلماذا يتأسف بنو أمية لدفن عثمان في أقصى البقيع ويمنعون من دفن الحسن عند جده كل ذلك دال على شرف البقعة وفضلها عند عموم المسلمين بشرف من فيها وإن الدفن فيها طلبا لشرفها وبركتها أمر راجح مطلوب محبوب تراق دونه الدماء وتزهق النفوس " وحينئذ " فقياسهم تعظيم قبور الأنبياء والصالحين بتعظيم الأصنام والأوثان التي لم يجعل الله لها حرمة
(٣٤٣)