كتابه شفاء السقام في زيارة خير الأنام الذي يرد به على ابن تيمية: نحن نقطع ببطلان كلامه " أي ابن تيمية " وإن المعلوم من الدين وسيرة السلف الصالحين التبرك ببعض الموتى من الصالحين فكيف بالأنبياء والمرسلين ومن ادعى أن قبور الأنبياء وغيرهم من الموتى المسلمين سواء فقد أتى أمرا عظيما نقطع ببطلانه وخطائه وفيه حط لرتبة النبي (ص) إلى درجة غيره من المؤمنين وذلك كفر بيقين فإن من حط رتبة النبي (ص) عما يجب له فقد كفر (فإن قال) إن هذا ليس بحط ولكنه منع من التعظيم فوق ما يجب له (قلت) هذا جهل وسوء أدب ونحن نقطع بأن النبي (ص) يستحق من التعظيم أكثر من هذا المقدار في حياته وبعد موته ولا يرتاب في ذلك من في قلبه شئ من الإيمان " انتهى ". وتوهم أن ذلك أو بعضه بدعة توهم فاسد لما عرفت في المقدمات من أنه يكفي في كون الشئ سنة دخوله في عمومات أدلة الشرع وفحاويها ولا يلزم النص عليه بخصوصه وقد فهم ضرورة من الشرع أن في القبر الذي ضم جسد سيد ولد آدم وأشرف المخلوقات بركة وأن له فضلا وذلك كاف في جواز التبرك به بجميع أنواع التبرك التي يرجى بها نيل بركته وما مر عن أحمد من أنه كان ينكره أشد الانكار معارض بما مر من حكاية ولده عنه الترخيص فيه وقوله هكذا كان ابن عمر يفعل لا يدل على ترجيحه لفعله ولا يبعد أن يكون ترك ابن عمر له لظنه أن غيره أقرب إلى الأدب مع أنه معارض بما مر من أنه كان يضع يده على القبر وأنه كره إكثار المس لا أصله وكراهته الاكثار لظن منافاته الأدب ومعارض بما مر من التزام أبي أيوب الأنصاري للقبر ورده على مروان ذلك الرد ومن تمريغ بلال وجهه ووضع خده عليه ووضع الزهراء ترابه على عينها واستشفاء ابن المنكدر به بوضع خده عليه وبالموضع الذي رآه فيه في النوم بتمرغه واضطجاعه فيه والاستشفاء أعظم من التبرك ولذلك أجازه أبو الصيف أحد علماء مكة والمحب الطبري وقال إن عليه عمل العلماء كما مر مع أن ابن عمر وسعيد ابن المسيب ويحيى ابن سعيد شيخ مالك تبركوا بمسح المنبر كما مر الذي نال البركة بجلوس رسول الله (ص) برهة من الزمان فكيف بقبره الذي بورك بوجود جسده الشريف على ممر الدهور والأعوام ولذلك استنبط بعض العلماء من تقبيل الحجر الأسود جواز تقبيل كل من يستحق التعظيم من حجر وغيره وقد قال عمر إني لأقبلك وإني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله " ص " يقبلك ما قبلتك رواه ابن ماجة ولذلك جوز أحد علماء مكة
(٣٤٨)