* الفصل الرابع عشر * * في تعظيم القبور وأصحابها والتبرك بها بما لم ينص الشرع على تحريمه من لمس وتقبيل لها ولأعتاب مشاهدها وتمسح بها وطواف حولها ونحو ذلك * وهذا مما منعه الوهابية وكفروا به المسلمين وأشركوهم وسموهم القبوريين وعباد القبور ونحو ذلك صرح به الصنعاني في كلامه السابق في الباب الأول حيث عد الطواف بالقبور والتبرك والتمسح بها من موجبات الشرك وإنه كفعل الجاهلية للأصنام والأوثان والوهابيون في كتابهم إلى شيخ الركب المغربي المتقدم هناك حيث جعلوا تعظيم قبور الأنبياء والأولياء ببناء القباب والإسراج والصلاة عندها وغير ذلك من الشرك وعبادة الأوثان وصرح بذلك أيضا غير من ذكر.
(ونقول) تعظيم قبور الأنبياء والصلحاء بل سائر المؤمنين وأصحابها أحياء وأمواتا بما لم ينص الشرع على تحريمه (1) راجح عقلا وشرعا لا مانع منه ولا محذور فيه لأنه من تعظيم شعائر الدين (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) ولم يدل دليل على تحريمه فيبقى داخلا في العموم مع حكم العقل بحسن تعظيم كل قريب إلى الله حيا وميتا ولا يعد ذلك عبادة لها كما توهمه الوهابية لأنه ليس كل تعظيم أو خضوع أو تذلل بقيام أو غيره يكون عبادة ويوجب شركا وكفرا أو يكون محرما فقد عرفت في المقدمات أن العبادة المنهي عنها لغير الله والتي توجب الشرك والكفر ليست العبادة اللغوية قطعا التي تشمل مطلق التعظيم والخضوع وأن تعظيم القبور ومن فيها والقيام والخضوع عندها لا يدخل في ذلك بل تعظيمها عبادة وطاعة لله تعالى لأن تعظيم من عظمه الله طاعة لله وعبادة وتعظيم له وخضوع له كما مر في المقدمات وليس عبادة للمعظم موجبة للشرك والكفر (أما) إن الأنبياء والصلحاء ممن يستحق التعظيم عنده تعالى وإن لهم حرمة وشأنا وشرفا وفضلا وبركة أحياء وأمواتا فلأنهم أنبياء الله ورسله الذين اختارهم واجتباهم برسالته وميزهم على جميع خلقه وجعلهم أمناء شرعه ودينه والصالحون هم أحباء الله المطيعون لأمره ونهيه فحرمتهم أحياء وأمواتا لا يشك فيها مسلم وهو عند المسلمين ملحق بالضروريات