ابن أبي الصيف اليماني أحد علماء مكة من الشافعية جواز تقبيل المصحف وأجزاء الحديث وقبور الصالحين ونقل الطيب الناشري عن المحب الطبري أنه يجوز تقبيل القبر ومسه قال وعليه عمل العلماء الصالحين وأنشد:
أمر على الديار ديار ليلى * أقبل ذا الجدار وذا الجدار وما حب الديار شغفن قلبي * ولكن حب من سكن الديارا وعن أبي خيثمة عن مصعب بن عبد الله عن إسماعيل بن يعقوب التيمي كان ابن المنكدر يصيبه الصمات فكان يقوم كما هو يضع خده على قبر النبي " ص " فعوتب في ذلك فقال إنه يصيبني خطرة فإذا وجدت ذلك استشفيت بقبر النبي " ص " وكان يأتي موضعا من المسجد في الصحن فيتمرغ فيه ويضطجع فقيل له في ذلك فقال إني رأيت النبي " ص " في هذا الموضع أراه قال في النوم " انتهى ما أردنا نقله وفاء الوفا " وبذلك ظهر أن جملة ممن كره الصاق البطن والظهر والمسح باليد أو إكثاره والتقبيل وإطالة الوقوف إنما قال به لمنافاته الأدب والاحترام بزعمه كما يدل عليه قول الحليمي بل الأدب أن يبعد منه الخ وقول ابن عساكر والوقوف من بعد أقرب إلى الاحترام وما حكي عن ابن عمر من كراهته إكثار المس لا أصل المس فكأنه رأى أن في إكثار المس سوء أدب وكذا إطالة الوقوف التي في كتاب الهندي لا لكونه عبادة وكيف يتوهم فيما جعل منافيا للاحترام أنه عبادة وبعضهم كرهه لزعم أنه بدعة كما في كلام الزعفراني ويدل عليه قول مالك ما كنا نعرف هذا على عهد رسول الله (ص) وقول ابن عساكر ليس من السنة وقول أحمد هكذا كان ابن عمر يفعل وقول الغزالي إنه عادة النصارى واليهود وغير ذلك من كلماتهم وكذلك منع الطواف به لزعم أنه بدعة أو لشبهة بالطواف بالكعبة المشرفة وكيف كان فليس في شئ من كلماتهم أنه عبادة للقبر كما تزعمه الوهابية " والتحقيق " أنه لا كراهة ولا تحريم في شئ من ذلك إذ لا يقصد به سوى التبرك وهو جائز وراجح إذ لا يشك مسلم بأن القبر الذي حول جسد النبي " ص " مبارك قد نالته بركة جسده سيما إذا قلنا بحياته البرزخية في قبره التي لا تنكرها الوهابية كما مر في المقدمات وإذا كان كذلك فلا مانع من التبرك بقبره الشريف بجميع أنواع التبرك من تقبيل ولمس والصاق بدن وطواف حوله وغير ذلك (قال) قاضي القضاة تقي الدين أبو الحسن السبكي في محكي