ونهى عن تعظيمها سواء كانت صور قوم صالحين أو غيرها قياس فاسد وجهل فاضح (وقال) صاحب المنار في مجموعة مقالاته (الوهابيون والحجاز) ما معناه: إن تعظيم القبور تعظيما دينيا من أعمال الشرك (ثم قال) حدثني الشريف محمد شرف عدنان باشا حفيد الشريف عبد المطلب الذي كان اعقل رجل في شرفاء مكة أنه رأى رجلا في مسجد ابن عباس بالطائف يصلي مستقبل القبر مستدبر القبلة فظنه أعمى وجاء ليحوله إلى القبلة فرآه بصيرا وأبى أن يتحول فأمر بإخراجه (إلى أن قال) ما حاصله: إن تعظيم القبور تعظيما دينيا كان سببا لمنكرات كثيرة وإن استحلال المجمع عليه المعلوم من الدين بالضرورة كفر وخروج عن الملة (انتهى).
وقد عرفت مما بيناه وأوضحناه أن تعظيم قبور الأنبياء والصالحين تعظيما دينيا من الأمور المندوب إليها في الشرع كتعظيم نفس الأنبياء والصالحين وأن حرمتهم أمواتا كحرمتهم أحياء وأنه كتعظيم جلد الشاة المعمول جلدا للمصحف لا يشك في ذلك إلا جاهل أو معاند وما حكاه عن هذا الشريف لم نسمع بمثله في شئ من بلاد الإسلام لا من الخواص ولا من أجهل العوام ولا نظنه إلا فرية وأن فرض صدقة لا يوجب أن يكون كل تعظيم شركا وكفرا فهل إذا عظمت السبائية عليا (ع) وأوصلته إلى درجة الألوهية (1) يكون كل تعظيم له شركا. ويدخل في حكمه على استحلال المجمع عليه المعلوم من الدين بالضرورة بأنه كفر وخروج من الملة تعظيم قبر النبي " ص " والتبرك به فإن المسلمين قد أجمعوا على ذلك في جميع الأعصار والأمصار قولا وعملا حتى وصل إلى حد الضرورة ولم يخالف فيه غير الطائفة الوهابية.
وأما التبرك بقبر النبي " ص " بلمس وتقبيل وتمسح به وطواف حوله ونحو ذلك فالحق جوازه ورجحانه لما ستعرف من الأدلة الكثيرة الدالة عليه " أما " علماء أهل السنة فاختلفوا في جوازه واستحبابه وكراهته ولكن من كرهه إنما كرهه بزعم منافاته للأدب كما ستعرف قال السمهودي في كتاب وفاء الوفا (2) قال النووي لا يجوز الطواف بقبره (ص) ويكره الصاق البطن والظهر بجدار القبر قاله الحليمي وغيره قال ويكره مسحه باليد وتقبيله بل الأدب أن يبعد منه كما يبعد منه لو حضر في حياته هذا هو