المناسك وذكرهم الدعاء المشتمل على الاستشهاد بالآية المذكورة ولنعم ما قال شمس الدين الجزري في الحصن الحصين على ما حكي عنه: إن لم يجب الدعاء عند النبي (ص) ففي أي موضع يستجاب " انتهى " وسيأتي في فصل زيارة القبور إن فاطمة عليها السلام كانت تزور قبر عمها حمزة في كل جمعة فتصلي وتبكي عنده (وفي رواية) أنها كانت تزور قبور الشهداء بأحد اليومين والثلاثة فتصلي هناك وتدعو وتبكي وابن تيمية يقول لم يذكر أحد من أئمة السلف إن الصلاة عند القبور وفي مشاهدها مستحبة (وأما استقباله " ص " عند الدعاء) فلا مانع منه لقوله تعالى أينما تولوا فثم وجه الله بل هو راجح بقصد التبرك بمواجهته المرجو معها استجابة الدعاء وبقصد التوسل والتشفع به الثابت رجحانه كما بيناه في تضاعيف ما مر بل يدل قول الإمام مالك للمنصور المتقدم في فصل التوسل على أن استقباله " ص " أفضل من استقبال القبلة أو مساو له ولا ينافي ذلك ما دل على أن أفضل الجهات جهة القبلة لأن العام يخصص والمطلق يقيد وفي قول المنصور لمالك أستقبل القبلة وأدعو أم أستقبل رسول الله (ص) دلالة واضحة على أن الدعاء عند القبر الشريف كان مشهورا معروفا لا يشك أحد في رجحانه وإنما الذي توقف فيه المنصور إن استقبال القبلة حال الدعاء أفضل أم استقبال القبر (أما) قول ابن تيمية: لم يقل أحد من أئمة المسلمين إن الصلاة والدعاء عند القبور وفي مشاهدها أفضل منها في غيرها فيكذبه خبر مالك إمام دار الهجرة مع المنصور المشار إليه وأما كون الصلاة والدعاء عند القبور وفي مشاهدها أفضل منهما في غيرهما فيكفي فيه ما دل على شرف تلك البقاع بشرف من دفن فيها الذي صار ملحقا بالضروريات في شرع الإسلام كما شرف جلد الشاة بكونه جلدا للمصحف وما الذي يمنع من الصلاة لله عندها والأرض كلها لله تعالى وقد قال النبي " ص " جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا والصلاة جائزة في كل بقاع الأرض سيما الشريفة منها بعد أن تكون لله تعالى والممنوع منه الصلاة إلى القبر تعظيما له أو السجود له كما مر في فصل اتخاذ المساجد على القبور أما الصلاة بقربه تبركا بالمكان المدفون فيه فلا مانع منها لثبوت شرف المكان بالمكين ضرورة كما تكرر ذكره والعبادة لله لا للقبر كما أن الصلاة لله في المسجد طلبا لشرف المكان مستحبة وليست عبادة للمسجد فالمسلمون يصلون
(٣٣٩)