لا تجعل قبري وثنا يعبد فتخرص على الغيب فمن الذي أخبره إن علة قوله " ص " ذلك:
الخوف من أن يصل تعظيم قبره والتبرك به وتقبيله إلى اتخاذه وثنا يعبد بل هو دعاء بأن يعصم أمته من اتخاذ قبره وثنا يعبد بما كانت تعبد به الجاهلية أوثانها لا بمجرد تعظيم المسلمين له وتبركهم به الذي قد بينا مرارا أنه ليس عبادة له. أما تفرقته بين سؤال النبي والصالح في حياته وسؤاله بعد موته أو في مغيبه بأنه في حياته لا يعبده أحد في حضوره فما يضحك الثكلى (أولا) إن السبائية - كما يزعمون - قد عبدت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب " ع " في حضوره حتى حرقهم بالنار فزاد ذلك اعتقادهم بإلهيته لما سمعوه منه لا يعذب بالنار إلا رب النار المحمول على الكراهة في غير المقام الذي يناسبه شدة العقاب أو غيره من المحامل (ثانيا) احتمال أن يترتب على فعل المباح أو الراجح أمر محرم، لا يوجب تحريمه وإلا لحرم جميع ما في الكون من فعل. قوله: ولم يكن أحد من سلف الأمة في عصر الصحابة ولا التابعين ولا تابعي التابعين يتخيرون الصلاة والدعاء عند قبور الأنبياء، ما أهون الدعاوي المنفية وتتابع أدوات النفي على ابن تيمية إذا حاول ما طبع عليه من انتقاص قدر الأنبياء والصلحاء كأنما الله تعالى أوجده في جميع العصور واطلع على كل كائنات الدهور وإنا نسأله هل كان مالك ابن أنس إمام دار الهجرة والذي قيل فيه لا يفتي ومالك في المدينة وحجة الله على خلقه بشهادة الإمام الشافعي (1) من سلف هذه الأمة ومن التابعين أو تابعي التابعين حين قال لأبي جعفر المنصور وقد سأله قائلا يا أبا عبد الله استقبل القبلة وادعو أم أستقبل رسول الله (ص) فقال لم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم " ع " إلى يوم القيامة بل استقبله واستشفع به " الحديث " وهل أنكر أحد ذلك على مالك من علماء المدينة وهي ملأى بالتابعين وتابعي التابعين أو من علماء سائر الأقطار وهل تحتاج فضيلة المكان المدفون فيه جسد النبي صلى الله عليه وآله سلم وهو سيد الكائنات وأشرف ولد آدم إلى رواية خاصة ونص مخصوص وإذا ثبتت فضيلته ثبتت فضيلة الصلاة فيه أفيلزم مع ذلك أن ينزل ملك على ابن تيمية يخبره بفضيلة الصلاة في المكان الفاضل. ولكن تكفير المسلمين واستحلال أموالهم ودمائهم تكفي فيه الظنون والأوهام وسرد الدعاوى المنفية بلا دليل وسيأتي في فصل التوسل إن جميع أصحاب المناسك من علماء الإسلام ذكروا استحباب