قول عمر في العباس هذا والله الوسيلة إلى الله والمكان منه وإذا ثبت أن التوسل بالحي ليس عبادة ولا شركا فالتوسل بالميت كذلك لعدم تعقل الفرق فإن جواز التوسل به إلى الله إن كان لمكانته عند الله فهي لم تذهب بالموت وإن كان التوسل به لأجل أن يدعو الله فهو ممكن في حق الميت ولو فرض عدم إمكانه لم يوجب الشرك بل يكون مثل طلب المشي من المقعد بزعم أنه صحيح كما بيناهما مرارا فالتفرقة بين التوسل بالأحياء والأموات تحكم محض وجمود بحت وقد فهم الصحابة الذين هم أعلم بالسنة من ابن تيمية وأتباعه عدم الفرق وأمر مالك إمام المذهب أبا جعفر المنصور أن يتوسل بالنبي " ص " ويستشفع به بعد موته وقال هو وسيلتك وسيلة أبيك آدم كل هذا والوهابية يراوغون ويتمحلون ويكفرون المسلمين بما لم يجعله الله مكفرا فإذا قيل لهم هذا قد ثبت في الشرع قالوا ثبت في حق الأحياء الحاضرين دون الأموات والغائبين. كأن الله جوز عبادة الأحياء الحاضرين والإشراك بهم ولم يمنع إلا من عبادة الأموات والغائبين. ويمنع ابن تيمية من التوسل بالنبي " ص " بعد موته ويعده بدعة ويقول ثبت في الحياة والحضور دون الغيبة وبعد الموت.
ونقول لهم: هل زالت حرمة رسول الله " ص " بعد موته وبطلت مكانته عند الله ولم يعد مقربا لديه إذا فلماذا يعلن باسمه في المآذن في اليوم والليلة خمس مرات وعلى رؤوس المنابر وفي الصلوات كلها مفروضها ومسنونها مقرونا باسمه تعالى في الكل ولماذا يصلى عليه كلما ذكر ولماذا ولماذا؟!. وإذا كان التوسل به بعد موته وفي غيبته أيام حياته شركا فكيف صار في حياته وحضوره عبادة وتوحيدا فما يكون شركا لا يكون توحيدا وبالعكس.
فإن قلتم الفارق ورود النص بالأمر به في الحياة وعدم وروده في غيره. قلنا النص لا يوجب التفريق في الشئ الواحد بين فرديه بحسب الزمان فيجعل أحدهما شركا في زمان وتوحيدا في آخر وإذا كان التوسل شركا قبل الأمر لم يجز الأمر به ولا يمكن أن يغيره لأن الحكم لا يغير الموضوع وإذا لم يكن شركا قبل الأمر فهو كذلك في الحياة والحضور والغيبة وبعد الموت وأين قياسكم الذي تتمسكون به في أحكام الدين وكيف ضاق عن هذا الحكم فتورعتم عن الاستدلال به فيه لتستحلوا دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم مع أن العلة في التوسل هنا ظاهرة وهي الجاه والمكانة عند الله فتعم كل ذي جاه ومكانة عنده بإطاعته له تعالى ويخرج عن القياس المستنبط العلة ويلحق بمنصوصها بل العلة في ذلك