ومنه قول القائل له أسألك مرافقتك في الجنة " الحديث " ولا يقصد به إلا كونه " ص " سببا وشافعا " انتهى " وفي قول القائل أسألك مرافقتك في الجنة في الحديث المشار إليه رد لما توهموه من كفر من قال اشف مريضي وانصرني على عدوي ونحوه حتى ادعى ابن تيمية إجماع المسلمين على ذلك كما مر في الباب الثاني فمرافقته في الجنة لا يقدر عليها غير الله نظير غفران الذنب وشفاء المريض بل لو فرض أنه ليس ظاهر حال القائل ما ذكرنا وتساوى الاحتمالان أو ضعف الاحتمال الصحيح لم يجز الحكم بالكفر والشرك لوجوب الحمل على الصحة ولو مع الاحتمال الضعيف وعدم جواز التكفير إلا مع اليقين، نعم لو قصد في الوجه الأول والثالث إن المستغاث به هو الفاعل لذلك اختيارا واستقلالا بدون واسطته تعالى وإقداره فالمسلمون منه براء ولكنه لا يوجد بين المسلمين أحد يقصد ذلك نعم ربما يوجد من لا يخطر بباله شئ تفصيلا فيجب حمله أيضا على الوجه الصحيح من طلب الدعاء والشفاعة دون غيره لأنه وإن لم يقصد ذلك ولم يلتفت إليه تفصيلا إلا أنه مقصود له إجمالا ولهذا لو سئل أنك هل تعتقد أنه قادر على ذلك بلا واسطته تعالى لقال كلا لا اعتقد ذلك وتبرأ ممن يعتقده ولو قيل له هل مرادك طلب الدعاء والشفاعة لقال نعم.
وحيث ظهر أن مرجع ذلك إلى طلب الشفاعة وسؤال الدعاء، فنقول: أما الشفاعة فمضى الكلام فيها في الفصل السابق وأنها لا تخرج عن سؤال الدعاء، وأما سؤال الدعاء فلا مانع منه عقلا ولا شرعا من حي ولا ميت أما من الحي فاعترف الوهابيون (والمنة لله) بجوازه ولم يجعلوه شركا ولا كفرا ولا بدعة صرح بذلك ابن عبد الوهاب الصنعاني وقبلهما ابن تيمية. قال ابن تيمية في رسالة زيارة القبور (1) ثبت عنه صلى الله عليه وآله (ما من رجل يدعو له أخوه بظهر الغيب دعوة إلا وكل الله بها ملكا كلما دعا لأخيه دعوة قال الملك ولك مثل ذلك) ومن المشروع في الدعاء إجابة غائب لغائب (2) ولهذا أمر " ص " بالصلاة عليه وطلب الوسيلة له ففي الحديث إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول ثم صلوا علي فإن من صلى علي مرة صلى الله عليه عشرا ثم اسألوا الله لي الوسيلة فإنها درجة في الجنة لا ينبغي أن تكون إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون ذلك العبد فمن