يقدر عليه هل هو إلا نسبة التحكم إلى الله تعالى والعبث تعالى الله عن ذلك.
أما كلام ابن تيمية في رسالة زيارة القبور الذي فتح به هذا الباب للوهابية بقوله:
وإن قال أنا أسأله لكونه أقرب إلى الله مني ليشفع لي وجعله التشفع والتوسل إلى الله كما يتوسل إلى السلطان بخواصه من أفعال الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم شفعاء والمشركين وعبدة الأصنام الذين قالوا ما نعبدهم إلا ليقربونا واستشهاده على ذلك بآيات الشفاعة وزعمه أنه تعالى بين الفرق بينه وبين خلقه ففساده أوضح من أن يبين بعدما أثبت الله الشفاعة رأفة بالمذنبين من عباده ليتسببوا إلى نيل رضاه وعفوه وجعلها لمن يكرم عليه من أنبيائه وأوليائه كما يستشفع ويتوسل إلى السلطان بخواصه ومن يكرم عليه لكن السلطان يقضي حاجته رغبة أو رهبة أو حياء أو غير ذلك والله تعالى يقضي حاجته كرما ورحمة ورأفة ولا ينافي ذلك كونه لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه وإن الأمر كله له والذين أخبر الله عنهم إنهم اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله لم يكن ذلك لأجل طلبهم منهم الشفاعة بل إنهم أحلوا لهم حراما وحرموا عليهم حلالا فاتبعوهم كما جاء في بعض الأخبار فهو نظير قوله تعالى اتخذ إلهه هواه والذين عبدوا الأصنام وقالوا هؤلاء شفعاؤنا تشفعوا بأحجار لا تعقل ولا تسمع ولا تضر ولا تنفع فذمهم الله تعالى بقوله أم اتخذوا من دون الله شفعاء وبين وجه ذمهم بقوله أو لو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون فجعل التشفع بأنبياء الله وأوليائه الذين يعقلون ويملكون أمر الشفاعة حيث إنه تعالى جعل لهم الشفاعة وملكهم أمرها وأذن لهم فيها كالتشفع بالأصنام التي لا تعقل ولا تملك شفاعة جهل محض.
وما بينه ابن تيمية في تفسير (لله الشفاعة جميعا. ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع.
من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه) من الفرق بين الشفاعة عند الله وعند خلقه يبطل استدلالهم بآية لله الشفاعة جميعا على عدم جواز طلبها من غير الله لأنه ذكر في وجه الفرق أن عادة الناس أن يستشفعوا إلى الكبير بمن يكرم عليه فيقضي حاجته رغبة أو رهبة أو حياء أو مودة أو غير ذلك والله تعالى لا يشفع عنده أحد حتى يأذن هو للشافع فلا يفعل إلا ما شاء الله وشفاعة الشافع من إذنه والأمر كله له فهذا معنى إن الشفاعة كلها لله لا أنه لا يجوز طلبها من غيره.
هذا مع دلالة جملة من الأخبار على جواز طلب الشفاعة من النبي " ص " وغيره في دار