زعم بعدم تعلقها بالإذن الخ لا ندري ولا المنجم يدري لماذا كان طلبها في هذه الدار زعما بعدم تعلقها بإذن الله ولماذا كان تعلقها بإذن الله منافيا لطلبها وبأي وجه يدل قولنا يا رسول الله إشفع لي على إرادة إشفع لي رغما عن الله وقهرا عليه وبدون إذنه وهل إذا طلبنا منه الشفاعة يمتنع ويستحيل ولا يمكن أن يستأذن ويشفع فيكون طلب الشفاعة منافيا لتعلقها بالإذن ونفي الولي والشفيع في الآيتين يراد به النفي المقيد الذي هو من دون الله وفي قباله وبغير أمره وإذنه لا مطلق الشفيع الثابت بالاستثناء في قوله تعالى إلا بإذنه وبالضرورة من دين الإسلام ولا مطلق الولي الثابت بقوله تعالى (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا " الآية " وغير ذلك. قوله: والعبرة في القرآن بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. كلام لا يرتبط بالمقصود ولا يثمر غير التطويل بلا طائل سمعه ولم يعرف موضعه فسواء كانت الآيتان واردتين في مورد خاص أو لا لا تدلان على منع طلب الشفاعة ممن جعل الله له الشفاعة كما عرفت.
أما قول ابن عبد الوهاب إن الشفاعة شفاعتان منفية ومثبتة وجعله المنفية ما تطلب من غير الله واستشهاده على ذلك بآية لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والمثبتة ما تطلب من الله فهو تخرص على الغيب وتفسير للقرآن بالرأي والهوى وبغير الوجه الذي يجب أن يفسر به فإن قوله تعالى ولا شفاعة، عام أو مطلق يجب تخصيصه أو تقييده بالآيات الأخر مثل (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى. من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه) لوجوب حمل العام على الخاص والمطلق على المقيد كما بيناه في المقدمات فيحمل قوله ولا شفاعة على الشفاعة لغير من يرتضى كالمنكر له تعالى أو المشرك به أو من يشفع بغير إذنه أو نحو ذلك أما حمل قوله تعالى ولا شفاعة على نفي الشفاعة المطلوبة من غير الله فلا دليل عليه ولا يساعده العرف مع أنه تعالى أمر بالإنفاق من قبل أن يأتي لا شفاعة فيه والمراد به يوم القيامة فهو تعالى نفى الشفاعة في يوم القيامة ولم ينف الشفاعة المطلوبة في الدنيا ولا يمكن أن يراد بهذا اللفظ نفي الشفاعة في الدنيا.
وقد ظهر مما مر ويأتي في فصل الدعاء فساد قول ابن عبد الوهاب في تعليمه الاحتجاج:
إن الله أعطاه الشفاعة ونهاك عن هذا أي إن تطلبها منه وقال فلا تدعوا مع الله أحدا، لما ستعرف من أن الدعاء المنهي عنه في الآية لا يشمل طلب الشفاعة كما لا يشمل طلب الدعاء التي هي نوع منه ولا يمكن أن يكون شاملا لذلك إذ يكون محصله إن الله تعالى أباح لك