مكررة أو مسبوقة بنفي، واعتقاد أن النبي " ص " شافع مشفع وصاحب الوسيلة عند الله وأنه يستغفر للمذنبين من أمته بعد وفاته كما أخبر عن نفسه (1) وأنه مجاب الدعوة وأن دعاءه لنا أرجى في الإجابة من دعائنا لأنفسنا هو عين الحق والصواب. فجعله سببا لكل فتنة نشأت في الوجود ضلال وخذلان نعوذ بالله منه. نعم إن اعتقاد الوهابيين أن ذلك كفر وشرك واستحلالهم به الدماء والأموال كان سببا لكل فتنة في الوجود بغزوهم بلاد الإسلام وإراقتهم الدماء ونهبهم الأموال وتفريق كلمة المسلمين وكسر شوكتهم وزيادتهم ضعفا إلى ضعفهم فإنا لله وإنا إليه راجعون. قوله: ولهذا حسم مادة الشفاعة عن كل أحد بغير إذن الإله، لا يتوهم عاقل ولا جاهل إن الشفاعة تكون بغير إذن الله وقهرا عليه فالتعبير بقوله حسم مادة الشفاعة بغير إذنه لا مناسبة له ولا محل فحسم المادة يكون بنفي كل شفاعة والله تعالى بآية من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه قد أثبتت الشفاعة بإذنه ونفاها بغير إذنه فلم يحسم مادتها وما وجه الربط بين هذه العلة والمعلول فإذا كان الله تعالى قد نفى الشفاعة بغير إذنه أو حسم مادتها بغير إذنه كما يقول هذا الوهابي فهل يلزم أن يكون طالب الشفاعة من النبي " ص " الذي جعل الله له الشفاعة وأذن له فيها كافرا ومشركا. وهل طالب الشفاعة من النبي " ص " يقول له إشفع لي قهرا على الله رضي أم أبى أذن أم لم يأذن، بالدبوس كدين الوهابية. كلا فانظر رعاك الله إلى هذه التعليلات وإلى هذه النتائج والمقدمات التي استحلوا بها الدماء والأموال واعجب ثم أعجب.
قوله: ولهذا قال لله الشفاعة جميعا قد عرفت أن المراد بها أنه تعالى مالك أمرها فلا يشفع عنده أحد إلا بإذنه فلا تزيد عن الآية الأولى. أما قوله تعالى: وما نرى معكم شفعاءكم الخ، فالمراد بشفعائهم الأصنام والأحجار التي كانوا يزعمون أنها شركاء فيهم ولها نوع اختيار معه تعالى وتصرف في الكون وهي جماد لا الأنبياء والمرسلين الذين لا يعتقد مسلم فيهم شيئا من ذلك سوى ما جعله الله لهم من الشفاعة عنده والمنزلة لديه فإنهم حاضرون مع أممهم يشفعون لها ولم يتقطع ما بينهم وبينها ولا ضلت عنهم لا سيما نبينا محمد " ص " الذي هو وسيلة الخلق يوم القيامة دون الأنبياء قوله: وطلبها من غير الله في هذه الدار