عنده أحد إلا بإذنه فستعرف فساده عند رد هذا الكلام وقد ظهر من ذلك فساد قول ابن عبد الوهاب: إن طلب الشفاعة من الصالحين هو بعينه قول الكفار ما نعبدهم إلا ليقربونا هؤلاء شفعاؤنا، لما عرفت من صراحة الآيتين في مغايرة العبادة لطلب الشفاعة. وبطلان ما يفهم من قوله أنهم يقولون ما دعونا الأصنام وتوجهنا إليهم إلا لطلب القرب والشفاعة.
وقوله: لكنهم يجعلون بعض المخلوقات وسائط بينهم وبين الله يقولون نريد منهم القرب إلى الله وشفاعتهم عنده الدال على أن سبب الشرك طلب الشفاعة لما عرفت من صراحة القرآن ودلالة الوجدان على خلافه وبطلان قوله ومنهم من يدعو الملائكة ليشفعوا له أو صالحا كاللات أو نبيا كعيسى. وقوله: ومنهم من يدعو الصالحين والأولياء لما عرفت في الباب الثاني من أن دعاء الملائكة لم يكن بطلب شفاعتهم بل عبادتهم بغير ذلك وقول إنهم بنات الله ودعاء اللات لم يكن بالتشفع به لأنه رجل صالح بل بعبادة حجر على صورته الموهومة بالسجود وغيره والتشفع بذلك الحجر الذي لم يجعل الله له شفاعة ولو كان على صورة صالح مزعومة، ودعاء عيسى " ع " لم يكن مجرد التشفع به بل اعتقاد أنه هو الله الخالق الرازق بأحد الوجوه التي سبق بيانها وأي جهل أعظم من جعل الاشراك بعيسى مجرد التشفع به وهل يمكن صدوره من عاقل فضلا عن عالم. وقوله: إن قصدهم الملائكة والأنبياء والأولياء يريدون شفاعتهم هو الذي أحل دماءهم وأموالهم قد عرفت أنه كذب وافتراء وإن الذي أحل ذلك تكذيبهم للرسل وإنكارهم للشرائع وعبادتهم للأوثان بغير مجرد التشفع وكذلك جعله طلب الشفاعة مثل شرك جاهلية العرب وإن الذين قاتلهم " ص " إنما أرادوا الجاه والشفاعة.
ومما يدل على أن عبادتهم كانت غير طلب الشفاعة ما حكاه الوهابية أنفسهم في الرسالة الثالثة من الهدية السنية (1) عن الإمام البكري عند قوله تعالى قل من يرزقكم من السماء والأرض " الآية " من قوله: فإن قلت إذا أقروا بذلك فكيف عبدوا الأصنام قلت كانوا يعتقدون بعبادتهم الأصنام عبادة الله والتقرب إليه لكن بطرق مختلفة ففرقة قالت ليس لنا أهلية عبادة الله بلا واسطة لعظمته فعبدناها لتقربنا إليه زلفى وفرقة قالت الملائكة ذو منزلة عند الله فاتخذنا أصناما على هيئتها لتقربنا إليه زلفى وفرقة قالت جعلنا