الله فأشركت مع أن الشفاعة كلها لله ولا يجوز أن يدعى أحد مع الله فادع الله واطلب الشفاعة منه وقل يا الله شفعه في كما يقوله ابن عبد الوهاب.
وفي السيرة الحلبية (1) عن ابن إسحاق في كتاب المبدأ إن تبعا الحميري آمن بالنبي " ص " وكتب كتابا فوصل إلى النبي " ص " بعد مبعثه وفيه إن لم أدركك فاشفع لي يوم القيامة ولا تنسني وإن النبي " ص " قال مرحبا بتبع الأخ الصالح ثلاث مرات " انتهى " ولو كان هذا شركا وكفرا لوجب أن ينكره لا أن يرحب بصاحبه ثلاثا ويسميه الأخ الصالح ولو أنكره لنقل عنه.
وقال ابن تيمية في رسالة زيارة القبور (2) ما لفظه: في الحديث أن أعرابيا قال للنبي " ص " جهدت الأنفس وجاع العيال وهلك المال فادع الله لنا فإنا نستشفع بالله عليك وبك على الله فسبح رسول الله صلى الله عليه وآله حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه وقال ويحك إن الله لا يستشفع به على أحد من خلقه شأن الله أعظم من ذلك. قال فأقره على قوله إنا نستشفع بك على الله وأنكر عليه نستشفع بالله عليك لأن الشافع يسأل المشفوع إليه والعبد يسأل ربه ويستشفع إليه والرب تعالى لا يسأل العبد ولا يستشفع به " انتهى " فإقرار النبي " ص " له على قوله إنا نستشفع بك على الله دليل على جواز طلب الشفاعة من النبي " ص " في دار الدنيا وأنه ليس فيها شائبة منع.
واتضح فساد قول الوهابيين إن الشفاعة حق ولا تطلب في دار الدنيا إلا من الله فقد أقر النبي " ص " على طلبها منه في دار الدنيا لأمور الدنيا ولغيرها ومع هذا كله يعاند الوهابيون ويصرون ويتمحلون ويخالفون صريح السنة ليستحلوا دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم ويزعمون أنهم بها يتمسكون فإنا لله وإنا إليه راجعون. لا يقال: الذي أنكره الوهابية طلب الشفاعة من النبي " ص " في دار الدنيا بعد موته وهذه الروايات كلها في طلب الشفاعة من الأحياء فلا يتم الاستدلال. لأنا نقول الدليل الذي استدلوا به على عدم جواز طلب الشفاعة في دار الدنيا وأنها شرك إن تم لا يفرق بين طلبها من الحي وطلبها من الميت وهو قوله تعالى لله الشفاعة جميعا فلا تدعوا مع الله أحدا. مع أنها قد وردت أخبار في طلب الشفاعة منه " ص " بعد موته. وهي ما سيأتي من أن ابن حنيف علم رجلا أن