واسطة بينه وبين الله تعالى. وفيمن يستغيث بشيخه يطلب تثبيت قلبه من ذلك الواقع وفيمن يجئ إلى شيخه ويستلم القبر ويمرغ وجهه عليه ويمسح القبر بيديه ويمسح بهما وجهه وأمثال ذلك وفيمن يقصده بحاجته ويقول يا فلان ببركتك أو يقول قضيت حاجتي ببركة الله وبركة الشيخ وفيمن يعمل السماع ويجئ إلى القبر فيكشف ويحط وجهه بين يدي شيخه على الأرض ساجدا وفيمن قال إن ثم قطبا غوثا جامعا في الوجود.
ومما جاء في الجواب قوله (1): من يأتي إلى قبر نبي أو صالح ويسأله حاجته ويستنجده مثل أن يسأله أن يزيل مرضه أو يقضي دينه أو نحو ذلك مما لا يقدر عليه إلا الله عز وجل فهذا شرك صحيح (صريح ظ) يجب أن يستتاب صاحبه فإن تاب وإلا قتل ثم ذكر (2) عن وثيمة وغيره أن ودا وسواعا ويغوث ويعوق ونسرا أسماء قوم صالحين من قوم نوح فلما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم طال عليهم الأمد فاتخذوا تماثيلهم أصناما وكان العكوف على القبور والتمسح بها وتقبيلها والدعاء عندها هو أصل الشرك وعبادة الأوثان ولهذا قال النبي (ص): (اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد) إلى أن قال (3): وهذا ما يظهر الفرق بين سؤال النبي (ص) والرجل الصالح في حياته وسؤاله بعد موته وفي مغيبه وذلك أنه في حياته لا يعبده أحد في حضوره إلى أن قال (4): ولم يكن أحد من سلف الأمة في عصر الصحابة ولا التابعين ولا تابعي التابعين يتخيرون الصلاة والدعاء عند قبور الأنبياء ويسألونهم ولا يستغيثون بهم لا في مغيبهم ولا عند قبورهم وكذلك العكوف قال ومن أعظم الشرك أن يستغيث الرجل بميت وغائب كما ذكره السائل ويستغيث به عند المصائب يا سيدي فلان كأنه يطلب منه إزالة ضره أو جلب نفعه وهذا حال النصارى في المسيح وأمه وأحبارهم ورهبانهم ومعلوم أن خير الخلق وأكرمهم على الله نبينا محمد (ص) واعلم الناس بقدره وحقه أصحابه ولم يكونوا يفعلون شيئا من ذلك لا في مغيبه ولا بعد مماته.
وقال ابن تيمية أيضا في رسالة القبور (5): وقول كثير من الضلال: هذا أقرب إلى الله مني وأنا بعيد من الله لا يمكنني أن أدعوه إلا بهذه الواسطة ونحو ذلك - من أقوال المشركين فإن الله تعالى يقول (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان)