خلاف ما يقوله الوهابية فقد تشفع وتوسل رسول الله " ص " بمن قبله من الأنبياء وتشفع الأصحاب بالنبي " ص " وبفتح كوة بين قبره وبين السماء وتشفع عمر بالعباس كما سيأتي ذلك كله في الفصل الثالث في التوسل ويأتي في هذا الفصل أنه " ص " أقر الأعرابي على قوله إنا نستشفع بك على الله وفي الفصل الثاني أنهم طلبوا من النبي " ص " بعد موته أن يستسقي لهم فسقوا.
ومما تقدم تعلم فساد كلام صاحب الرسالة الثانية من الهدية السنية حيث أثبت الشفاعة للنبي " ص " يوم القيامة ولسائر الأنبياء والملائكة والأولياء والأطفال ومنع من طلبها منهم وقال إنها تطلب من الله فقد بان لك أنه لا مانع من طلبها منهم بعد أن ثبتت لهم الشفاعة وأن منع طلبها منهم جهل وغباوة أو عناد ومكابرة أما تعليله كون طلب ذلك في البرزخ شركا بأنه لم يرد به نص من كتاب أو سنة أو أثر من السلف الصالح فغريب لأن عدم ورود النص والأثر من السلف لا يستلزم كونه شركا بشئ من وجوه الاستلزام بل لا يستلزم تحريمه فضلا عن كونه شركا لما عرفت في المقدمات من أصالة الإباحة فيما نص فيه.
قوله: بل ورد الكتاب والسنة وإجماع السلف إنه شرك أكبر، قاتل عليه رسول الله " ص "، افتراء على الكتاب والسنة لما عرفت مفصلا من ورودها كلها بخلاف ما قالوه وإنه " ص " لم يقاتل أحدا على الاستشفاع بمن له الشفاعة وكذا كلام صاحب الرسالة الأولى منها يظهر فساده مما مر فإنه اعترف بأن الشفاعة حق في الآخرة وأنه يجب على كل مسلم الإيمان بها وبشفاعة سائر الشفعاء فمنع طلبها بعد الاعتراف بها تمحل وعناد وما لفقه للمنع من طلبها لا يخرج عن العناد كقوله إن لها أنواعا مذكورة في محلها وإنها ثابتة بالوصف وهو من مات لا يشرك بالله شيئا لا بالشخص عدى الشفاعة العظمى فإنها لأهل الموقف عامة وتفريعه على ثبوتها بالوصف لزوم طلبها من الله بأن يشفع فيه نبيه فإن ذلك كله تمحل في تمحل فما هي تلك الأنواع التي يدعيها والحال أن الشفاعة مرجوة لكل مذنب لم يشرك بالله كما دل عليه حديث أبي هريرة الذي ذكره تصديقا لقوله تعالى إن الله لا يغفر أن يشرك به وقد جاء عنه " ص " شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي وثبوتها بالوصف لا بالشخص لا يظهر له معنى محصل وكأنه يريد به أن من ثبتت له معلوم بالوصف وهو عدم الشرك لا بالشخص وهو زيد أو عمرو مثلا لجواز أن لا يموت على التوحيد فكيف يطلب الشفاعة ولا يخفى