إلى أن قال: وأمر الله العباد أن يقولوا (إياك نعبد وإياك نستعين) وأخبر عن المشركين أنهم قالوا إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى ثم يقال لهذا المشرك أنت إذا دعوت غير الله فإن كنت تظن أنه أعلم بحالك وأقدر على عطاء سؤالك أو ارحم بك فهذا جهل وضلال وكفر وإن كنت تعلم أن الله أعلم وأقدر وأرحم فلم عدلت عن سؤال غيره، إلى أن قال:
وإن كنت تعلم أنه أقرب إلى الله منك وأعلى درجة فهذا حق لكن كلمة حق أريد بها باطل فإنه إذا كان أقرب منك وأعلى درجة فإنما معناه أن يثيبه الله ويعطيه أكثر مما يعطيك ليس معناه أنك إذا دعوته كان الله يقضي حاجتك أعظم مما يقضيها إذا دعوت أنت الله فإنك إن كنت مستحقا للعقاب ورد الدعاء فالنبي والصالح لا يعين على ما يكرهه الله وإن لم يكن كذلك فالله أولى بالرحمة والقبول وإن قلت هذا إذا دعا الله أجاب دعاءه أعظم مما يجيبه إذا دعوته كما تقول للحي ادع لي وكما كان الصحابة يطلبون من النبي صلى الله عليه وآله وسلم الدعاء فهذا مشروع في الحي دون الميت إلى آخر ما يأتي في هذا الفصل.
وقال ابن تيمية أيضا في رسالة زيارة القبور (1) ما حاصله: مطلوب العبد إن كان مما لا يقدر عليه إلا الله فسائله من المخلوق مشرك من جنس عباد الملائكة والتماثيل ومن اتخذ المسيح وأمه الآهين مثل أن يقول لمخلوق حي أو ميت اغفر ذنبي أو انصرني على عدوي أو اشف مريضي أو عافني أو عاف أهلي أو دابتي أو يطلب منه وفاء دينه من غير جهة معينة أو غير ذلك وإن كان مما يقدر عليه العبد فيجوز طلبه منه في حال دون حال فإن مسألة المخلوق قد تكون جائزة وقد تكون منهيا عنها قال الله تعالى (فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب) وأوصى النبي (ص) ابن عباس إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله وأوصى طائفة من أصحابه أن لا يسألوا الناس شيئا فكان سوط أحدهم يسقط من كفه فلا يقول لأحد ناولني إياه وقال فهذه المنهي عنها والجائزة طلب دعاء المؤمن لأخيه الخ.
وصرح محمد بن عبد الوهاب في كلامه السابق في الباب الثاني بأن دعاء غير الله والاستغاثة بغير الله موجب للارتداد عن الدين والدخول في عداد المشركين وعبدة