الأصنام قبلة لنا في العبادة كما أن الكعبة قبلة في عبادته وفرقة اعتقدت أن لكل ملك (كذا) شيطانا موكلا بأمر الله فمن عبد الصنم حق عبادته قضى الشيطان حوائجه بأمر الله وإلا أصابه الشيطان بنكبة بأمر الله " انتهى " (والعجب) أن المستشهد بهذا الكلام من الوهابية قال بعد نقله: فانظر إلى كلام هؤلاء الأئمة وتصريحهم بأن المشركين ما أرادوا ممن عبدوا إلا التقرب إلى الله وطلب شفاعتهم عنده " انتهى " ولم يدر أن عبادة غير الله لا يحتاج التكفير بها إلى الاستشهاد بكلام أحد سواء كانت بقصد التقرب إلى الله وطلب شفاعتهم أو بدون ذلك ولكن الذي ينفع إثبات إن طلب الشفاعة عبادة أو إن ما يفعله المسلمون هو عين ما كان يفعله عبدة الأصنام والكلام الذي استشهد به صريح بخلافه فليس في المسلمين من يعتقد بواحدة مما كانت تعتقده تلك الفرق، هذا في رد زعمهم أن طلب الشفاعة عبادة وأما استدلال ابن عبد الوهاب على عدم جواز طلب الشفاعة من غير الله بآية لله الشفاعة جميعا وآية فلا تدعوا مع الله أحدا فاستدلال فاسد، أما آية لله الشفاعة جميعا فليس معناها أن الله وحده هو الذي يشفع وغيره لا يشفع لأنه تعالى لا يشفع عند أحد وثبت أن الأنبياء والصالحين والملائكة يشفعون عنده وليس معناها أنه لا يجوز طلب الشفاعة ممن جعله الله شافعا بل معناها والله العالم إن الله مالك أمرها فلا يشفع عنده أحد إلا بإذنه (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه) ولا يشفع إلا لمن ارتضاه الله (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى) وصدر الآية هكذا (أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل أو لو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون قل لله الشفاعة جميعا " الآية ") فهو في مقام الرد على الذين اتخذوا الأصنام والأحجار شفعاء إلى الله تعالى وقالوا هؤلاء شفعاؤنا عند الله مع أنهم لا يملكون شيئا فكيف يملكون الشفاعة ولا عقل لهم حتى يشفعوا وفي الكشاف (من دون الله) من دون إذنه (قل لله الشفاعة جميعا) أي هو مالكها فلا يستطيع أحد شفاعة إلا بشرطين أن يكون المشفوع له مرتضى وأن يكون الشفيع مأذونا وها هنا الشرطان مفقودان جميعا " انتهى ". وحكى الطبري عن مجاهد (لله الشفاعة جميعا) أي لا يشفع أحد إلا بإذنه " انتهى ".
فحمل ابن عبد الوهاب واتباعه له على أن معناه طلب الشفاعة من الله وحده وعدم طلبها من المخلوق وإن كان له أن يشفع حمل مستهجن مستقبح لا يساعد عليه اللفظ ولا