كفل منها عن مقاتل أنه قال: الشفاعة إلى الله إنما هي الدعوة لمسلم لما روي عن النبي (ص) من دعا لأخيه المسلم بظهر الغيب استجيب له وقال له الملك ولك مثل ذلك فذلك النصيب والدعوة على المسلم بضد ذلك (انتهى) وحينئذ فطلب الشفاعة من الغير كطلب الدعاء منه وقد ثبت جواز طلب الدعاء من أي مؤمن كان واعترف بذلك الوهابية وقدوتهم ابن تيمية في طلبه من الحي بل هو من ضروريات دين الإسلام وحينئذ فيجوز طلب الشفاعة إلى الله تعالى من كل مؤمن فضلا عن الأنبياء والصالحين وفضلا عن سيد المرسلين. ولو قيل أن الشفيع لا بد أن يكون له قدر وجاه عند المشفوع إليه. فنقول: إن الله تعالى جعل حرمة لكل مؤمن يرجى قبول شفاعته واستجابة دعائه فلم يبق فرق، على أنه قد ورد ثبوت الشفاعة لآحاد المؤمنين وللملائكة وأنها ليست من خواص الأنبياء وثبتت شفاعة الملائكة بما أخبر الله تعالى عنهم بقوله (الذين يحملون العرش ومن حوله إلى قوله ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم وقهم السيئات) " الآية " قال الرازي في تفسيره: هذه تدل على حصر الشفاعة من الملائكة للمذنبين كما وقعت الشفاعة من النبي " ص " وغيره من الأنبياء وأمره الله تعالى بها فقال واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات وحكى عن نوح أنه قال رب أغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات " انتهى " وفيه تصريح بأن الشفاعة لا تزيد عن الدعاء وطلب المغفرة كما قلناه.
فظهر أن الشفاعة والدعاء من واد واحد وكذا طلبهما من الغير وليس حتما على الله قبول الشفاعة ولا إجابة الدعاء وإنما ذلك من ألطافه ومنه ورأفته بعباده فجعل لهم وسائل كثيرة إلى نيل رضاه وعفوه وخيره وبره وهذا منها ولا شفاعة إلا بإذنه ورضاه كما قال تعالى: (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى) وغير ذلك.
وظهر أن طلب الشفاعة من النبي " ص " بل ومن آحاد المؤمنين في دار الدنيا أحياء وأمواتا ليشفعوا في الدنيا في أمور الدنيا والآخرة أو يوم القيامة جائز لا محذور فيه لأنها من قبيل الدعاء فيرجع طلبها إلى التماسه وذلك جائز من الأحياء بالاتفاق أما طلب