فهم أهل العرف ولم يذكره أحد من المفسرين ولا تقتضيه الحكمة ولا يخرج عن التمحل والتحكم والعبث فكأن الله تعالى يقول اطلبوا من الناس كل ما يقدرون عليه واطلبوا منهم الدعاء لكم الذي لا تخرج الشفاعة عنه بل هي نفسه ولكن لا يجوز لكم ومحظور ومحجور عليكم أن تطلبوا من النبي " ص " أن يشفع لكم في الدنيا أو في الآخرة ويدعو الله لكم وإن كانت له الشفاعة وقد أعطاه الله إياها وهو الشفيع المشفع وإذا طلبتموها منه فقد كفرتم وأشركتم فانظر أيها المنصف هل يحسن أن يصدر ذلك من عاقل وهل يصدر إلا من سفيه جاهل تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
وأما آية تدعو مع الله فستعرف في فصل الدعاء أنها أجنبية عن المقام مع أنه لو صح الاستدلال بها على عدم جواز طلب الشفاعة من العبد لصح الاستدلال بها على عدم جواز طلب الدعاء منه لأن كلا منهما دعاء لغير الله يشمله قوله تعالى (فلا تدعوا مع الله أحدا) فأي فارق بين قول يا فلان إشفع لي ويا فلان ادع لي، وطلب الدعاء من الغير لا ينكره الوهابية ولا قدوتهم ابن تيمية إذا كان من الحي كما ستعرف مع شمول الآية له.
وجاء في أحاديث كثيرة صلوا علي فإن صلاتكم تبلغني، وسيأتي حديث صلوا علي ثم اسألوا الله لي الوسيلة فمن سأل الله لي الوسيلة حلت له شفاعتي يوم القيامة. والصلاة منا الدعاء ومنه تعالى الرحمة ورفع الدرجة فقد طلب منا " ص " أن ندعو له برفع الدرجة وإعطاء الوسيلة وهو كطلبنا منه الشفاعة بأن يدعو الله أن يغفر ذنوبنا ويدخلنا جنته فكيف صار طلبه منا توحيدا وطلبنا منه شركا ونحن أحوج إلى شفاعته ودعائه منه إلى دعائنا فأي فارق بينهما لولا الجمود وقلة الإنصاف.
أما جعل الصنعاني من جملة عبادة المشركين الأصنام اعتقادهم أنها تشفع عند الله ومن جملة عبادة الأنبياء والصالحين اعتقاد ذلك والتشفع بهم ففاسد لأن اعتقاد المشركين في الأصنام أنها تشفع وطلبهم منها الشفاعة خطأ وغلط إذ لم يجعل الله لها شفاعة سواء كانت على صورة صالح أو غيره فإن الشافع هو الصالح لا الحجر الذي على صورته كما عرفت بخلاف الاعتقاد بأن الأنبياء والصالحين يشفعون فإنه صحيح مطابق للواقع ليس فيه خطأ ولا غلط فضلا عن كونه عبادة وشركا وكذلك التشفع بهم، على أن الاعتقاد في حجر أو شجر أنه يشفع وطلب الشفاعة منه لم يعلم كونه عبادة له إنما هو خطأ وغلط، والمشركون لم يعلم أن هذا سبب في شركهم لأنه لم يصدر منهم وحده بل صدر معه ما هو كاف في