أو الصالح شرك كالتشفع بغيره. ويدل أيضا على عدم جواز طلب الشفاعة من غير الله قوله تعالى (لله الشفاعة جميعا. من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه) وإذا كانت الشفاعة كلها لله لم يجز طلبها من غيره وقوله تعالى (فلا تدعوا مع الله أحدا) وطلب الشفاعة من النبي " ص " دعاء له فيكون منهيا عنه مع كون الدعاء عبادة بنص الكتاب والسنة بل مخها كما يأتي وإذا كان طلب الشفاعة دعاء والدعاء عبادة كان شركا فالجمع بين ثبوت الشفاعة له " ص " وعدم جواز طلبها منه أن يقول المستشفع به " ص " اللهم شفعه في أو لا تحرمني شفاعته أو ارزقني شفاعته أو نحو ذلك وهذا معنى قولهم فالشفاعة حق ولا تطلب في دار الدنيا إلا من الله. ويفهم مما مر عن الرسالة الأولى من الهدية السنية الاحتجاج لذلك بأن طلب الشفاعة من غير الله في الدنيا مناف لكونه لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه وإلا لمن ارتضى.
والجواب عن شبهتهم هذه أنها شبهة سخيفة فطلب الشفاعة ليس عبادة للمطلوب منه وشرك أهل الجاهلية الذي أحل دماءهم وأموالهم لم يكن سببه اتخاذهم الشفعاء كما زعموا وليس في الآيتين المستشهد بهما إن الموجب لشركهم هو تشفعهم ولا أن عبادتهم لهم هي تشفعهم بهم بل الآيتان صريحتان في أن عبادتهم لهم كانت غير التشفع فإنه جعل في الآية الأولى العبادة علة التقريب الذي هو الشفاعة والعلة غير المعلول ببديهة العقول وعطف في الآية الثانية قول هؤلاء شفعاؤنا على قوله ويعبدون والعطف يقتضي تغاير المعطوف والمعطوف عليه كما قرر في علم العربية مع أن عبادتهم لهم بغير التشفع من السجود والإهلال بأسمائها وغير ذلك مشاهدة معلومة كما ذكرناه مرارا وقد ذكرنا مرارا أن قوله تعالى والذين اتخذوا من دون الله أولياء " الآية " ويعبدون من دون الله " الآية " صريح في أن عبادتهم لها كانت مع الإعراض عن الله والمخالفة لأمره. وقوله: ما لا يضرهم ولا ينفعهم إشارة إلى أنهم عبدوا أحجارا وأشجارا هي من الجمادات وطلبوا منها النصر والشفاعة ولم يجعل الله لها ذلك ولو كانت على صور قوم صالحين، فلا يقاس بها من جعله الله شافعا وقادرا على الشفاعة ولا من تشفع به بمن تشفع بها ويجب على قياس قولهم بمنع يا رسول الله إشفع لي بل يقول اللهم شفعه في أو ارزقني شفاعته أن يمنعوا يا فلان ادع لي بل يقول اللهم أجب دعاءه في أو ارزقني دعاءه لي مع اعترافهم بجوازه ومنعه، ويشبه الأكل من القفا أي إيصال اللقمة إلى الفم من وراء الرقبة. أما جعل طلب الشفاعة منافيا لكونه لا يشفع