فإذا كانت الشفاعة كلها لله ولا تكون إلا بعد إذنه ولا يشفع النبي " ص " ولا غيره في أحد حتى يأذن الله فيه ولا يأذن إلا لأهل التوحيد (1) فالشفاعة كلها لله فأطلبها منه وأقول اللهم لا تحرمني شفاعته اللهم شفعه في وأمثال هذا فإن قال النبي " ص " أعطي الشفاعة وأنا أطلبه مما أعطاه الله " كذا " فالجواب أن الله أعطاه الشفاعة ونهاك عن هذا وقال " فلا تدعو مع الله أحدا " وأيضا الشفاعة أعطيها غير النبي " ص " فصح أن الملائكة والأولياء يشفعون فإن قلت الله أعطاهم الشفاعة وأطلبها منهم رجعت إلى عبادة الصالحين التي ذكرها الله تعالى في كتابه وإن قلت لا بطل قولك هذا.
وقال ابن تيمية في رسالة زيارة القبور والاستنجاد بالمقبور (2) في تتمة كلامه المتقدم في الباب الثاني: وإن قال أنا أسأله لكونه أقرب إلى الله مني ليشفع لي في هذه الأمور لأني أتوسل إلى الله به كما يتوسل إلى السلطان بخواصه وأعوانه فهذا من أفعال الذين يزعمون أنهم يتخذون أحبارهم ورهبانهم شفعاء يستشفعون بهم في مطالبهم والمشركين الذين أخبر الله عنهم أنهم قالوا: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى وقال تعالى: " أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل أو لو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون. قل لله الشفاعة جميعا. ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع. من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه " فبين الفرق بينه وبين خلقه فإن من عادة الناس أن يستشفعوا إلى الكبير من كبرائهم بمن يكرم عليه فيسأله ذلك الشفيع فيقضي حاجته أما رغبة وأما رهبة وأما حياء وأما مودة وأما غير ذلك والله سبحانه لا يشفع عنده أحد حتى يأذن هو للشافع فلا يفعل إلا ما شاء الله وشفاعة الشافع من إذنه فالأمر كله له. إلى أن قال: وقد أمرنا أن نصلي على النبي " ص " في الدعاء وجعل ذلك من أسباب إجابة دعائنا " انتهى ".
" ونقول " الشفاعة من الشفيع عبارة عن طلبه من المشفوع إليه أمرا للمشفوع له فشفاعة النبي " ص " أو غيره عبارة عن دعائه الله تعالى لأجل الغير وطلبه منه غفران الذنب وقضاء الحوائج فالشفاعة نوع من الدعاء والرجاء. وحكى النيسابوري في تفسير قوله تعالى " من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له