وإني خبأت دعوتي شفاعة لأمتي وهي نائلة منكم إن شاء الله من مات لا يشرك بالله شيئا إلى أن قال: وإذا كانت بالوصف فرجاؤها من الله ودعاؤه أن يشفع فيه نبيه هو المطلوب قال: فالمتعين على كل مسلم صرف همته إلى ربه بالإقبال إليه والاتكال عليه والقيام بحق العبودية له فإذا مات موحدا استشفع الله فيه نبيه بخلاف من أهمل ذلك وتركه وارتكب ضده من الاقبال إلى غير الله بالتوكل عليه ورجائه فيما لا يمكن وجوده إلا من عند الله والالتجاء إلى ذلك الغير مقبلا على شفاعته متوكلا عليها طالبا لها من النبي " ص " أو غيره فإن هذا بعينه فعل المشركين واعتقادهم ولا نشأت فتنة في الوجود إلا بهذا الاعتقاد. إلى أن قال: ولهذا حسم جل وعلا مادة الشفاعة عن كل أحد بغير إذن الإله وحده فلا يشفع عنده أحد إلا بإذنه لا ملك ولا نبي ولا غيرهما. إلى أن قال: ولهذا قال عز من قائل (قل لله الشفاعة جميعا. وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون) وطلبها من غير الله في هذه الدار زعم بعدم تعلقها بالإذن من الله والرضا عن المشفوع له وقال تعالى (ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع.
وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع) والعبرة في القرآن بعموم اللفظ لا بخصوص السبب " انتهى ".
وقال محمد بن عبد الوهاب أيضا في رسالة أربع القواعد (1): الشفاعة شفاعتان منفية ومثبتة فالمنفية ما كانت تطلب من غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله لقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا انفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون) والمثبتة هي التي تطلب من الله والشافع مكرم بالشفاعة والمشفوع له من رضي الله قوله وعمله بعد الإذن كما (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه) " انتهى " وفصل في مقام آخر ما أجمله هنا فقال في رسالة كشف الشبهات (2) عند تعليمه أتباعه الاحتجاج على غيرهم في تتمة كلامه السابق، فإن قال (أي بعض المشركين من المسلمين الذين لا يقولون بمقالة الوهابية) أتنكر شفاعة رسول الله " ص " وتبرأ منها فقل لا بل هو الشافع والمشفع وأرجو شفاعته لكن الشفاعة كلها لله (قل لله الشفاعة جميعا) ولا يشفع لأحد إلا من بعد أن يأذن الله فيه (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى) وهو لا يرضى إلا التوحيد