يسألونهم وهم يسألون الله تأدبا. ودعوى أنها كعبادة الأصنام والاعتقاد فيها يدفعها ما مر ويأتي مفصلا من أن عبادة الأصنام وإشراك عابديها ليس من هذا القبيل، نعم اعتقاد ذلك غلط وخطأ أما إن معتقده كافر مشرك فلم يقم عليه دليل أن لم يقم على عدمه.
وذكر الجبرتي في حوادث سنة 1218 أن الوهابي أرسل كتابا إلى شيخ الركب المغربي ومعه أوراق تتضمن دعوته وعقيدته وفيها بعد المقدمة ما نصه: أن الرسول (ص) أخبرنا بأن أمته تأخذ مآخذ القرون قبلها شبرا بشبر وذراعا بذراع وثبت في الصحيحين وغيرهما عنه (ص) لتتبعن سنن من قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه قالوا يا رسول الله اليهود والنصارى قال فمن. وأخبر في الحديث الآخر أن أمته ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة قالوا من هي يا رسول الله قال من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي. إذا عرف هذا فمعلوم ما قد عمت به البلوى من حوادث الأمور التي أعظمها الاشراك بالله والتوجه إلى الموتى وسؤالهم النصر على الأعداء وقضاء الحاجات وتفريج الكربات التي لا يقدر عليها إلا رب الأرض والسماوات وكذلك التقرب إليهم بالنذر وذبح القربان والاستغاثة بهم في كشف الشدائد وجلب الفوائد إلى غير ذلك من أنواع العبادة التي لا تصلح إلا لله وصرف شئ من أنواع العبادة لغير الله كصرف جميعها لأنه سبحانه وتعالى أغنى الأغنياء عن الشرك ولا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا كما قال تعالى (فاعبدوا الله مخلصين له الدين إلا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) فأخبر سبحانه أنه لا يرضى من الدين إلا ما كان خالصا لوجهه وأخبر أن المشركين يدعون الملائكة والأنبياء والصالحين ليقربوهم إلى الله زلفى ويشفعوا لهم عنده وأخبر أنه لا يهدي من هو كاذب كفار. وقال تعالى (ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله إلى قوله: سبحانه وتعالى عما يشركون) فأخبر أنه من جعل بينه وبين الله وسائط يسألهم الشفاعة فقد عبدهم وأشرك بهم وذلك أن الشفاعة كلها لله (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه. فيومئذ لا تنفع الذين ظلموا معذرتهم. يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا) وهو لا يرضى إلا التوحيد (1) (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى) فالشفاعة