عندها سيرة المسلمين خلفا عن سلف وسيرة الصحابة والتابعين وتابعي التابعين وقد اعترف صاحب الكتاب بحجية إجماع السلف الصالح وإن الأمة لا تجتمع على ضلالة وتقييده الأمة بالمتبعين للسنة لا يظهر له معنى ولا فائدة إذ لا يوجد مسلم تظهر له سنة رسول الله " ص " ويقول لا أتبعها وإنما أراد بذلك أن يحفظ لنفسه خط الرجعة فيحصر اتباع السنة بالوهابيين فقط حينما يحتج عليه أحد بإجماع الأمة وأني له ذلك فإن ثبت قول الرسول " ص " لا تجتمع أمتي على ضلالة كان ذلك دالا على أن ما اتفقوا عليه هو من سنته وعلى طبق شريعته فهذا القيد الذي قيد به فضول فاسد. ومر في المقدمات أن سيرة المسلمين وإجماعهم كاشف عن أن ذلك مما كان عليه النبي " ص ". قوله: وهذا الذي ذكرناه لا يخالف فيه أحد من العلماء المسلمين وأجمع عليه السلف الصالح من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة ستعرف في الفصول الآتية عدم صحة هذه الدعوى وأن الذي أجمع عليه السلف الصالح وعلماء المسلمين خلاف ما عليه الوهابية. أما باقي الكتاب فيفهم رده مما مر في كلام ابن عبد الوهاب والصنعاني فإن كلماتهم كلها تدور على محور واحد.
وعن تاريخ نجد لمحمود شكري الآلوسي أنه حكى عن عبد اللطيف حفيد ابن عبد الوهاب أنه قال: ذكر طرف من معتقد المغالين في القبور والصالحين. ونذكر لك طرفا من معتقد هؤلاء ليعلم الواقف عليه أي الفريقين أحق بالأمن إن كان الواقف ممن اختصه الله بالفضل والمن ولئلا يلتبس الأمر بتسميتهم لكفرهم ومحالهم تشفعا وتوسلا مع ما في التسمية من الهلاك المتناهي عند من عقل الحقائق. من ذلك محبتهم مع الله محبة تأله وخضوع ورجاء ودعاؤهم مع الله في المهمات والملمات والحوادث التي لا يكشفها ولا يجيب الدعاء فيها إلا الله والعكوف حول أجداثهم وتقبيل أعتابهم والتمسح بآثارهم طلبا للغوث واستجابة الدعوات وإظهار الفاقة وإبداء الفقر والضراعة واستنزال الغيوث والأمطار وطلب السلامة من شدائد البراري والبحار وسؤالهم تزويج الأرامل والأيامى واللطف بالضعفاء واليتامى والاعتماد عليهم في المطالب العالية وتأهيلهم لمغفرة الذنوب والنجاة من الهاوية وإعطاء تلك المراتب السامية. وجماهيرهم لما ألفت ذلك طباعهم وفسدت به فطرهم وعز عنه امتناعهم لا يكاد يخطر ببال أحدهم ما يخطر ببال آحاد المسلمين من قصد الله تعالى والإنابة إليه بل ليس ذلك عندهم إلا الولي الفلاني ومشهد الشيخ فلان حتى جعلوا الذهاب إلى المشاهد عوضا عن الخروج للاستسقاء والإنابة إلى الله