المال والدم حتى يتوب ولا نظن أن الوهابيين يلتزمون بذلك وإن كان لا يستبعد شئ من جمودهم وتعسفهم وتعنتهم وقد صرح بعضهم في الرسالة الثانية من رسائل الهدية السنية (1) بأن الرياء لا يخرج عن الملة وأنه شرك أصغر ومن ذلك ظهر أن استشهاده أخيرا بتسمية الرياء شركا لا محل له، أما استشهاده بتسمية حواء ولدها بعبد الحارث بأمر من إبليس الذي تسمى الحارث وتسمية الله له شركا فعجيب فإن إبليس ما أراد بأمرها أن تسميه بعبد الحارث أي عبد الشيطان إلا أن يكون عبدا له كما هو عبد الله فإذا أطاعته حواء في ذلك فقد جعلت له شريكا فيما آتاها فهل يقاس بذلك المتشفع إلى الله بمن جعل الله له الشفاعة والمعظم لمن جعله الله عظيما والمتبرك بمن جعله مباركا إلى غير ذلك، قوله:
والمعتقدون في جهال الأحياء وضلالهم. لا كلام لنا فيمن يعتقد في جهال الأحياء والأموات وضلالهم فنحن لا نعتقد فيهم ونخطئ من يعتقد فيهم وإنما كلامنا في الأنبياء والأولياء والصلحاء، قوله: فاعتقدوا فيهم ما لا يجوز أن يعتقد إلا في الله إلى قوله: ونحروا تقربا إليهم. قد عرفت أننا لم نعتقد فيهم إلا ما جعلهم الله له أهلا. وستعرف أنه لم يجعل أحد لهم جزءا من المال وإنما ينذر الصدقة وإهداء الثواب إليهم الذي ثبت جوازه في الشرع وأن زيارة قبور الأنبياء والصلحاء والقصد إليها مما يتقرب به إليه تعالى وأن الطواف حول قبورهم التي بوركت بهم كما بورك جلد الشاة والورق بالمصحف والخضوع عندها احتراما لأهلها لا محذور فيه هو إطاعة لله تعالى وأن الهتاف بأهلها عند الشدائد لطلب دعائهم وشفاعتهم لا مانع منه وأن النحر هو تقرب إلى الله لا إليهم وإنما يهدى ثواب الصدقة بالمنحور لهم وأنه ليس في شئ من ذلك شائبة العبادة لغيره تعالى. (أما السجود على العتبة) الذي حكاه عمن يثق به فالذي نظنه أن هذا المخبر رأى من يقبل العتبة فظنه سجودا وتقبيل العتبة كتقبيل الضريح تعظيما له وتبركا به لا مانع منه ولا محذور فيه، وإن أباه جمود الوهابية وتعنتهم وستعرف ذلك في فصل التبرك بقبور الصالحين باللمس والتقبيل وغير ذلك وإن صح ما نقل من السجود على عتبة مشهد الولي ولا نظنه صحيحا فيجب حمله على السجود لله تعالى شكرا له على التوفيق لزيارة النبي أو الولي التي ثبت أنها طاعة كما ستعرف إذ لا يظن ولا