الحقيقين. أما قوله: ولم يبلغ شرك الجاهلية إلى هذه الغاية فقد مر نظيره في كلام الصنعاني ومر الكلام عليه. وأما حكاية المرأة التي كف بصرها: فلا يقاس عليها غيرها مع أنه يمكن أن يلتمس لكلامها وجه صحيح إن صحت الحكاية وهو أن الله تعالى قد اقتضت مشيئته كف بصرها فلم يبق إلا أن تتوسل بهذا الولي وبحبه إلى الله ليرد عليها بصرها.
أما ما حكاه عن بعض المغاربة فغير بعيد أنه من الأكاذيب نظر ما مر حكايته من أن رجلا صلى إلى ضريح ابن عباس وترك القبلة عامدا فإنا لم نر ولم ينقل لنا وقوع شئ من هذا في شئ من البلدان والأزمان ولو صح لم يقس عليه غيره وهو خاص بفاعله كقول من قال لا يدق وتد في القاهرة إلا بإذن السيد البدوي مع أن يقول هذا لا يصح أن يسمى عالما فهل إذا غلطت امرأة كف بصرها أو بعض المغاربة أو بعض علماء مصر نغلط كافة الأمة ونكفرهم. قوله: وقد اشتهر ما يقع من السجود على أعتاب المشهد، مر الكلام عليه في هذا الباب عند الرد على الصنعاني. قوله: لا يمنع حقيقة العبادة الصورية، المدار على العبادة الحقيقية لا الصورية والأعمال بالنيات أما شراء الولد بشئ معين والمرأة بشئ من مهرها فلم نسمع بذلك ولم نره ولو فرض صحته فيختص بفاعله مع أن له وجها صحيحا وهو قصد التصديق عن الولد أو المرأة بمال وإهداء ثواب الصدقة إلى الولي فيجب الحمل على الصحة ما أمكن ولا يوجب ذلك شركا ولا كفرا ولا يقاس بفعل جاهلية العرب الذين جعلوا لشركائهم نصيبا كما حكى الله تعالى عنهم كما مر الكلام على نظير ذلك في كلام الصنعاني فراجع. وأما السوائب فلم نرها ولم نسمع بها في شئ من بلاد الإسلام. وأما سوق الهدايا والقرابين إلى مشاهد الأولياء وذبحها فستعرف في فصل الذبح أنه يقصد ذبحها لله وتقربا إليه لا للشيخ وإنما يهدي ثواب الصدقة بها فجعله ذلك وإن ذكر اسم الله عليه أشد تحريما مما ذكر عليه اسم غير الله جهل محض وتعليله بأن الشرك في العبادة أكبر من الشرك بالاستعانة لا يكاد يظهر له معنى. أما ما ادعاه من ترك الشجر والعشب إذا كان بقرب المشهد فمع صحته لا مانع منه فترك الشجر لاستظلال الزائرين والمارة إكراما لصاحب المشهد وترك العشب لنزهتهم ورعي دوابهم. قوله: ومنها الحج إلى المشاهد في أوقات مخصوصة مضاهاة لبيت الله. أخذ هذا الكلام من ابن تيمية الذي قال في كتابه