ذلك وحلل لهم حراما وهو سفك دماء المسلمين واستباحة أموالهم وأعراضهم فاتبعوه بدون تحقيق ولا تمحيص للأدلة حتى كأن كلامه وحي منزل وهو ممن يجوز عليه الخطأ وأدلته التي يستدل بها كلها ضعيفة واهية كما بيناه في هذا الكتاب وهم يأخذونها بالقبول ولا يقبلون عليها ردا ولا في مقابلها دليلا ولا يحيدون عنها قيد أنملة ولا يزيدون عليها ولا ينقصون منها كلمة واحدة ويتوارثها آخرهم عن أولهم بلفظ واحد ومعنى واحد ويسمون أنفسهم بالسلفيين أي إنهم أتباع السلف وإذا أورد لهم شئ من أقوال السلف يخالف معتقدهم لا يتحاشون من نسبة قائله إلى الشرك والكفر ويقولون مقتدانا الكتاب والسنة فهم في خطأ على الحالين فإن أقوال السلف ليست وحيا منزلا ولا أصحابها معصومون من الخطأ حتى نقلدهم على كل حال وإذا جاز تقليدهم فما بالنا نقلدهم تارة ونكفرههم أخرى وستعرف في الفصول الآتية مخالفة السلف للوهابيين في الشفاعة والتوسل وزيارة القبور والبناء عليها وغير ذلك مما تجده في تضاعيف هذا الكتاب. وأما ما تضمنه الكتاب المذكور من الحديث القائل إن الفرقة الناجية هي من كان على مثل ما كان عليه الرسول " ص " وأصحابه فهو من البديهيات والضروريات التي لا تحتاج إلى الاستدلال بالأحاديث وإطالة الكلام إذ لا شك في أن متبع النبي " ص " ناج ومخالفه هالك وإلا لم يكن نبيا وقد قال الله تعالى وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا. وما كان عليه النبي " ص " هو دين الإسلام وأصحابه اقتدوا به واتبعوه عليه فالميزان في الحقيقة هو ما كان عليه النبي " ص " فقط لأن اتباع أصحاب النبي " ص " المتبعين له اتباع له " ص " وإن خالفوه لم يجز اتباعهم وأي مسلم يشك في وجوب اتباع النبي " ص " دون غيره. اللهم إنا لا نتبع إلا طريقة رسولك وسنته ونبرأ إليك ممن خالفها ولو ظهر لنا أن الاستغاثة والتشفع والتوسل بذوي المكانة عندك وتعظيم قبور الأنبياء والصالحين تخالف سنة نبيك " ص " لكنا أول من تبرأ منها. وهذا ليس محلا للكلام ولا محطا للأنظار وإنما محل الكلام معرفة ما كان عليه النبي " ص " واتبعه عليه أصحابه فقد وقع الاختلاف الكثير فيه بين المجتهدين وعلماء المسلمين فما أثبته هذا نفاه ذلك (وكل يدعي وصلا بليلى) وكل يقول إن قوله هو ما كان عليه الرسول " ص " وأصحابه، لا يوجد من يقول إني لا أتبع ما كان عليه الرسول " ص " وأصحابه بل الصحابة أنفسهم اختلفوا في مسائل عديدة ليس هذا محل تفصيلها وستعرف أن الاستغاثة بذوي المكانة طلبا لدعائهم والاستشفاع بهم إليه والبناء على القبور والصلاة
(١٩١)