لهم باليهود المنكرين بعض الأنبياء المتمسكين بشريعة منسوخة وببني حنيفة القائلين إن مسيلمة نبي أو الذين اعتل لقتلهم بمنع الزكاة التي وجوبها من الضروريات وبأصحاب عبد الله بن سبأ القائلين لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب أنت الله (1) وبمنكري البعث وبالخوارج الذين هم أشبه الناس بالوهابية كما عرفت في المقدمات والذين أنكروا حب علي بن أبي طالب وهو من ضروريات الإسلام واستحلوا دماء المسلمين وكفروهم كما أنكر الوهابيون حرمة قبر رسول الله " ص " ووجوب تعظيمه وهي من ضروريات الدين وجعلوه وثنا وصنما واستحلوا دماء المسلمين وكفروهم، قوله: هذا جهل بمعنى العبادة فإنها لا تنحصر فيما ذكرت بل رأسها وأساسها الاعتقاد الخ كأنه يريد أنهم يعتقدون فيهم أنهم يقدرون على ما يطلب منهم فيصنعون ما يتفرع عن الاعتقاد من الدعاء والنداء الخ، فنقول: هذا جهل منه واضح فالمتشفعون والمتوسلون من المسلمين بالأنبياء والأولياء والصالحين لا يعتقدون فيهم أنهم يملكون لأنفسهم ولا لغيرهم نفعا ولا ضرا وأن الأمر كله لله وإنما يعتقدون فيهم ما جعلهم الله له أهلا من الشفاعة والوسيلة وإجابة الدعاء وأنه ميزهم على غيرهم من الخلق وقربهم منه بطاعتهم له فمعتقد ذلك فيهم مصيب لا مخطئ فلذلك يدعونهم ليشفعوا لهم عند من جعل لهم الشفاعة ويتوسلون بهم إلى من جعل لهم الوسيلة ويستغيثون ويستعينون بهم ليسألوا الله في قضاء حوائجهم ويحلفون بهم لأن لهم قدرا وشأنا عند الله تعالى بإطاعتهم وستعرف في فصل الحلف أنه لا محذور فيه وينذرون النذور ويهدون ثوابها إليهم إلى غير ذلك فهذا الاعتقاد لا مساس له بالعبادة حتى يجعل اسها ورأسها والمتفرع عنه لا ضرر فيه ولا محذور، قوله: وقد ذكر العلماء أن من تزيا بزي الكفار صار كافرا، فمع إنا لم نر ذلك في كلام العلماء ولو فرض فلا دليل عليه وإنما يكون آثما. فيه أن قياسه بما يفعله المسلمون قياس فاسد لما عرفت من أن ما يصدر من المسلمين لا محذور فيه والعجب من هؤلاء تارة يجعلون ما ينسبونه إلى العلماء حجة وتارة يكفرون جميع المسلمين عالمهم وجاهلهم ولا يعبأون بما استمرت عليه سيرتهم جيلا بعد جيل، قوله: ومن تكلم بكلمة الكفر صار كافرا، أقول: قد عرفت أنهم يكفرونه بذلك إذا قالها استهزاء أو عنادا أو اعتقادا لا مطلقا كما يقتضيه كلامه. قوله: فكيف بمن بلغ هذه الرتبة اعتقادا وقولا وفعلا. قد عرفت أنه لم يعتقد إلا ما هو الواقع ولم يقل ولم يفعل إلا ما هو الصواب.
(١٨٧)