من تكلم بكلمة الكفر يكفر وإن لم يقصد معناها وهذا دال على أنهم لا يعرفون حقيقة الإسلام ولا ماهية التوحيد فصاروا حينئذ كفارا كفرا أصليا ومن نادى الله ليلا ونهارا وسرا وجهارا وخوفا وطمعا ثم نادى معه غيره فقد أشرك في العبادة.
ثم أورد سؤالا بأنهم إذا كانوا مشركين وجب جهادهم والسلوك فيهم ما سلكه (ص) في المشركين وأجاب بأنه ذهب إلى هذا طائفة من أهل العلم وقال إنه يجب دعاؤهم إلى التوحيد ويجب على العلماء بيان أن ما يفعلونه شرك وأنه عين ما كان يفعله المشركون لأصنامهم فإذا أبانت العلماء ذلك للأئمة والملوك وجب عليهم بعث دعاة إلى إخلاص التوحيد فمن رجع حقن عليه ماله ودمه وذراريه ومن أصر فقد أباح الله منه ما أباح لرسوله (ص) من المشركين ثم قال فإن قلت لا سواء لأن هؤلاء قد قالوا لا إله إلا الله وقد قال النبي (ص) أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإن قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وقال لأسامة قتلته بعدما قال لا إله إلا الله وهؤلاء يصلون ويصومون ويزكون ويحجون بخلاف المشركين قلت قد قال (ص) إلا بحقها وحقها إفراد الألوهية والعبودية لله والقبوريون لم يفردوا هذه العبادة فلم تنفعهم كلمة الشهادة فإنها لا تنفع إلا مع التزام معناها ولم ينفع اليهود قولها لإنكارهم بعض الأنبياء وبنو حنيفة كانوا يشهدون الشهادتين ويصلون لكنهم قالوا مسيلمة نبي فقاتلهم الصحابة وسبوهم فكيف بمن يجعل للولي خاصة الإلهية ويناديه للمهمات وهذا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب حرق أصحاب عبد الله بن سبأ وكانوا يشهدون الشهادتين ولكن غلوا في علي واعتقدوا فيه ما يعتقد القبوريون وأجمعت الأمة على أن من أنكر البعث كفر وقتل ولو قال لا إله إلا الله فكيف بمن يجعل لله ندا وإنكاره (ص) على أسامة قتله من قال لا إله إلا الله لأن من قالها من الكفار حقن ماله ودمه حتى يتبين منه ما يخالف ما قاله فإن تبين لم تنفعه هذه الكلمة كما لم تنفع اليهود ولا الخوارج مع عبادتهم التي يحتقر الصحابة عبادتهم إلى جنبها بل أمر (ص) بقتلهم وقال لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد وذلك لما خالفوا بعض الشريعة وكانوا شر القتلى تحت أديم السماء كما ثبتت به الأحاديث فإن قلت القبوريون ومن يعتقد في فسقه الناس وجهالهم من الأحياء يقولون نحن لا نعبد هؤلاء ولا نعبد إلا الله وحده ولا نصلي لهم ولا نصوم ولا نحج. قلت: هذا جهل بمعنى العبادة فإنها لا تنحصر فيما ذكرت