عبادته فنحن نعبدها لتقربنا إليه واعتقدوا أن لها شرفا ذاتيا واستحقاقا للعبادة بالاستقلال واختيارا وتدبيرا وكانوا يقولون (اعل هبل) قاصدين أن تكون كلمة الأصنام ودين الجاهلية هي العليا وكلمة الله ودين الإسلام هي السفلى فأجابهم النبي " ص " بقوله:
(الله أعلى وأجل) فأعرضوا عن ذكر الله واكتفوا بذكرها وكذبوا الرسل الذين نهوهم عن عبادتها ولم يكتفوا بذلك بل بدلوا دين الله وغيروا أحكامه ومنهم من عبد الملائكة وسماهم بنات الله. والمسلمون لم يعبدوا نبيا ولا صالحا ولا قبره بل عبدوا الله وحده فلم يسجدوا لقبر ولا لولي ولم يذبحوا له ولم يذكروا اسمه على ذبيحتهم بل ذبحوا لله وحده وذكروا اسمه على المذبوح وأهدوا ثواب الصدقة بالذبيحة إليه فهل يسوي بين عمل المسلمين هذا وعمل المشركين إلا جاهل أو مكابر. وسيأتي لهذا مزيد توضيح في الباب الثالث ومر في رد كلام ابن عبد الوهاب في هذا الباب ما له علاقة بالمقام فراجع. ومن ذلك يظهر فساد استشهاده بآية إذ نسويكم برب العالمين، وإن المسلمين بتشفعهم وتبركهم وتعظيمهم لمن جعله الله شافعا مباركا عظيما لم يسووه برب العالمين. قوله: ومنهم من كان يعبد الملائكة ويناديهم عند الشدائد. قد عرفت في رد كلام ابن عبد الوهاب إن عبادتهم للملائكة لم تكن مجرد التوسل والتشفع الذي يقع مثله من المسلمين فلا نطيل بإعادته. قوله: وأن لا يدعوا مع الله أحدا ستعرف في فصل الدعاء أن المنهي عنه ليس هو ما يقع من المسلمين من طلب الشفاعة وأن آية له دعوة الحق لا دلالة فيها على شئ مما يزعمونه. قوله: كما عرف من علم البيان أن تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر. كيف ذكر ما قاله علماء البيان هنا ونسي ما قالوه في باب المجاز العقلي من أن قول أنبت الربيع البقل إذا صدر من المسلم كان مجازا عقليا من باب الإسناد إلى الزمان وإذا قاله الدهري كان حقيقة ولم يعمل به في طلب المسلمين من النبي أو الولي عافية المريض أو قدوم الغائب ونحو ذلك فيجعله مجازا عقليا من باب الإسناد إلى السبب وقرينته ظهور حال المسلم كما جعل أهل البيان انبت الربيع البقل مجازا عقليا وقرينته صدوره من مسلم بل كفر به المسلمين واستحل أموالهم ودماءهم.
قوله: فاعتقدوا أنهم يضربون وينفعون تقدم الكلام على مثله آنفا فراجع. قوله: ويقربون إلى الله ويشفعون عنده. نعم يقربون إلى الله بدعائهم لنا ويشفعون لنا عنده. ودعاء المؤمن لأخيه فضلا عن النبي والشفاعة لا ينكرها الوهابية كما ستعرف أما الأحجار والأشجار فليست لها هذه الصفة فبطل القياس. قوله: فدعوهم إلى قوله وتمسحوا بها سيأتي الكلام