عنها ولم يقع منها من أحد من المسلمين كما ستعرف لا ينفعهم قول: هو لك تملكه وما ملك. قوله: وكانت عبادتهم للأصنام اعتقادهم أنهم يضرون وينفعون الخ جعل تارة عبادة الأصنام هي اعتقاد أنهم يضرون وينفعون ويشفعون المتفرع عنه النحر لهم والطواف بهم والنذر عليهم والذل والخضوع والسجود لهم وتارة جعل عبادتهم هي الخضوع والتقرب بالنحر والنذر المتسبب عن اعتقاد الشفاعة ولا يخفى تهافت ذلك وتناقضه وسواء كانت عبادة الأصنام هي الاعتقاد المذكور المتفرع عنه تلك الأفعال أو تلك الأفعال المتفرعة عن الاعتقاد المذكور أو هما معا فقياس حال المسلمين بهم قياس فاسد وجهل محض كما علم مما مر في الرد على ابن عبد الوهاب. فالمشركون كذبوا الرسول " ص " وأنكروا ما جاء به ومنهم من قال عيسى هو الله. والمسلمون أقروا بالله وبرسوله وبكل ما جاء به فكيف يقاس أحدهما بالآخر وجعل مساويا له هل هذا إلا الضلال نعوذ بالله منه. والمشركون اعتقدوا في أحجار وأشجار وجمادات لا تضر ولا تنفع ولا تعقل ولا تسمع ولا تغيث ولا تشفع سواء كانت صور صالحين أو غيرهم فالشافع الصالح لا صورته أنها تضر وتنفع وتغيث وتشفع فتشفعوا واستغاثوا بها وعظموها ولم يجعل الله لها شيئا من ذلك بل نهى عن التشفع والاستغاثة بها وتعظيمها. والمسلمون اعتقدوا أن الأنبياء والصالحين ينفعون بدعائهم وشفاعتهم أحياء وأمواتا كما نصت عليه أحكام دينهم وأدلته التي ستعرفها والتي أثبتت لهم الشفاعة والدعاء ويضرون بترك ذلك وبالبعد عن نيل بركتهم وهو اعتقاد صحيح مطابق لأدلة الدين الإسلامي فطلبوا منهم ما جعله الله لهم من دعائه والشفاعة لديه. والمشركون عظموا ما لا يستحق التعظيم سواء كان صورة صالح متوهمة أو غيره فإن الصورة لا تستحق تعظيما فإنها إن كانت مجسمة فعملها حرام وإتلافها واجب وإن كانت غير مجسمة فعملها حرام أو مكروه وإتلافها واجب أو مستحب وطافوا وتبركوا بما لم يجعله الله مباركا. والمسلمون عظموا من أمر الله بتعظيمه حيا وميتا وجعله معظما من الأنبياء والصالحين وقبورهم وطافوا وتمسحوا وتبركوا بها لتشرفها بأجسادهم الشريفة كما تشرف الجلد المعمول للمصحف فهل يسوي بين هؤلاء وهؤلاء إلا جاهل مضل أو معاند. والمشركون عبدوا تلك الأحجار والأشجار بأنواع العبادات التي نهاهم الله تعالى عنها فسجدوا لها وذبحوا ونحروا لها مهلين بأسمائها على ذبائحهم دون اسم الله تعالى وطلوها بدمائها وأعرضوا عن عبادة الله بالكلية وقالوا لا قدرة لنا على
(١٨١)