الفساد وجب حمله على الصحيح إلا أن يعلم الفساد ولا يكفي الظن بالفساد فضلا عن الشك ولو صدر من المسلم فعل أو قول وله وجه أو معنى يوجب الارتداد وكان يمكن حمله على وجه أو معنى صحيح لا يوجب الارتداد لا يجوز الحكم بارتداده ووجب حمل فعله على الوجه الصحيح وقوله على المعنى الصحيح ولو كان احتمال قصده لذلك المعنى ضعيفا فضلا عما لو كان ظاهرا أو مساويا في الاحتمال فإذا استغاث مسلم بنبي أو ولي واحتمل أن تكون استغاثته لطلب أن يدعو له ويشفع له إلى الله لم يجز الحكم بارتداده لمجرد احتمال إرادته معنى يوجب الارتداد " وهكذا " لو قال ارزقني وعاف ولدي وانصرني على عدوي ونحو ذلك واحتمل إرادته طلب أن يكون واسطة وشفيعا فيسأل الله ذلك وأن إسناد الفعل إليه من باب إسناده إلى السبب كما في بنى الأمير المدينة لم يجز الحكم بشركه وارتداده فضلا عما لو علم إرادته ذلك أو كان ظاهر حاله ذلك باعتبار أنه مسلم يعلم أن هذه الأمور لا يقدر عليها غير الله تعالى.
* الرابع عشر * في تحقيق معنى العبادة: العبادة في اللغة الذل والخضوع ومنه بعير معبد أي مذلل وطريق معبد أي مسلوك مذلل ونقلت في الشرع إلى معنى جديد أو أريد بها معنى خاص من المعاني اللغوية كما نقلت ألفاظ كثيرة غيرها كالصلاة والزكاة والصيام والحج التي كانت في اللغة لمطلق الدعاء والنمو والإمساك والقصد ونقلت في الشرع إلى معان جديدة وذلك لأن الألفاظ اللغوية قد تبقى في الشرع على معانيها القديمة كالبيع والشراء وقد تنقل عنها في الشرع إلى معان جديدة فإذا لم تنقل وجب حملها على معانيها القديمة إذا لم يعلم أنه أريد بها معنى خاص منها سواء وردت في الكتاب أو الخبر أو غيرهما وأما إذا نقلت عن المعاني الأولى إلى معان جديدة فلا بد من معرفة تلك المعاني بما ثبت عن الشارع فإن عرفت وجب الحمل عليها وإلا بقيت تلك الألفاظ مجملة وكذا لو علم عدم إرادة المعاني القديمة وأنها استعملت في المعاني الجديدة المحدودة مجازا فلا بد من معرفة تلك المعاني أيضا وإلا كانت من المجمل المحتاج إلى البيان فالعبادة بمعناها اللغوي الذي هو مطلق الذل والخضوع والانقياد ليست شركا ولا كفرا قطعا وإلا لزم كفر الناس جميعا من لدن آدم إلى يومنا هذا لأن العبادة بمعنى الطاعة والخضوع لا يخلو منها أحد فيلزم كفر المملوك والزوجة والولد والخادم والأجير والرعية والجنود بإطاعة المولى والزوج والأب والمخدوم