وتقبيلها والتبرك بها ووضع الخلع عليها والمعلقات فوقها وغير ذلك. ومن إهانتها هدمها لها وهدم ما فوقها من البناء وتسويتها بالأرض وجعلها معرضا لوقوع القاذورات ووطئ الدواب والكلاب والآدميين وترويث وبول الدواب والكلاب وغير ذلك وما ورد مما يوهم المنافاة لذلك مما سيأتي في محله على فرض صحته مخصوص بغيرها أو منصرف بحكم التبادر إلى غيرها لما علم من الشرع من لزوم تعظيم أصحابها أحياء وأمواتا وهذا من تعظيمهم وحرمة إهانتهم أحياء وأمواتا وهذا منها وهل يشك في ذلك عاقل وهو يرى أن الله تعالى جعل احتراما لصخرة صماء بسبب وقوف إبراهيم الخليل عليه السلام عليها حين بنى البيت فقال واتخذوا مقام إبراهيم مصلى أفيجعل الله احتراما لمقام رجل خليله ولا يجعل احتراما لمدفن جسده أو مدفن جسد سيد أنبيائه. وإذا كان له هذا الاحترام فلماذا حرم تقبيله والطواف والتبرك به والصلاة عنده ودعاء الله تعالى كما يصلى عند مقام إبراهيم " ع " ويدعي فإن كان لتوهم أنه عبادة له كعبادة الأصنام فهو توهم فاسد لأن احترام من جعل الله له حرمة احترام لله وعمل بأمر الله وعبادة وإطاعة لله فهو كتقبيل الحجر الأسود وتعظيم الكعبة والحرم والمقام والمساجد والتبرك بماء زمزم وسجود الملائكة لآدم وإن كان لزعم ورود النهي فستعرف أنه لا نهي.
* السادس عشر * الأحكام لا تغير الموضوعات فإذا كان الموضوع على حالة أو صفة قبل الحكم كان كذلك بعد الحكم وهذا من البديهيات الأولية التي لا يشك فيها من عنده أقل إلمام بالعلوم. مثلا إذا حرم الشرع شتم زيد أو أوجبه وكان الشتم في نفسه مع قطع النظر عن الحكم بتحريمه أو وجوبه إهانة لزيد لا يصير بعد التحريم أو الوجوب احتراما له وكذا لو أوجب إضافة زيد أو حرمها وكانت إضافته في نفسها إكراما له لا تصير بعد إيجابها أو تحريمها إهانة له وإذا كان تعظيم المخلوق واحترامه والتبرك به والقيام في خدمته بغاية الذل والخضوع وما أشبه ذلك عبادة له وشركا بالله تعالى فإذا أوجب الله تعالى تعظيم المخلوق واحترامه والتبرك به وإطاعته والذل والخضوع له ونحو ذلك لم يخرجه هذا الوجوب عن كونه عبادة وشركا بل يكون الله تعالى قد أوجب الشرك وعبادة المخلوق لما عرفت