الشرع من لزوم احترام النبي " ص " ورجحان تعظيمه حيا وميتا بكل أنواع الاحترام التي لم ينص الشرع على تحريمها. ثم البدعة لا تكون بدعة إلا إذا فعلت بعنوان أنها من الدين فما قاله بعضهم من أن ما اصطلح عليه بعض المسلمين في هذه الأعصار من ترك الأعمال يوم الجمعة بدعة لأنه لم ينص الشرع على ذلك بل أمر بالعمل بعد قضاء صلاة الجمعة: اشتباه لأن الترك هنا بعنوان الراحة أو بعنوان مصلحة أخرى دينية أو دنيوية كإظهار حرمة يوم الجمعة وغير ذلك لا بعنوان أنه في نفسه عبادة وطاعة ومن ذلك توهم الوهابية أن التذكير والترحيم بدعة لأنه لم يكن في عهد النبي " ص " إذ يكفي في مشروعيته عموم ما دل على رجحان ذكر الله تعالى والصلاة على نبيه " ص " والدعاء ونحو ذلك وتخصيصه ببعض الأمكنة والأزمنة لفائدة مع عدم إتيانه بعنوان الخصوصية أي بعنوان أنه مأمور به بالخصوص في هذا الزمان والمكان لا يجعله بدعة وكذلك جملة أشياء مما جعلوه بدعة كما سيأتي بيان ذلك في الباب الأول.
* العاشر * الأفعال تختلف أحكامها باختلاف القصد الموجب لاختلاف العنوان وتبدل الموضوع وباختلاف الأزمان والأمكنة والأحوال والأشخاص الموجب لذلك وهذا معنى ما اشتهر أن الأحكام تتغير بتغير الأزمان. أما اختلافها باختلاف القصد فكضرب اليتيم فإنه محرم بقصد الايذاء، راجح بقصد التأديب وكغيبة المسلم فإنها محرمة بقصد الانتقاص واجبة بقصد نهيه عن المنكر أو نصح المستشير أو إقامة الحق في مقام جرح الشاهد وكالسجود عند قبر النبي " ص " فإنه راجح مستحب بقصد الشكر لله تعالى على توفيقه لزيارته محرم بقصد السجود للنبي " ص " لعدم جواز السجود لغير الله تعالى إلى غير ذلك. وأما اختلافها باختلاف الأزمان والأشخاص والأحوال فكلبس الأزرق مثلا حيث يعد زينة في بعض الأزمان أو الأمكنة فيحرم على الزوجة في وقت الحداد ويستحب إذا أرادت التزين لزوجها وكلباس الشهرة ولباس النساء المحرم على الرجال وبالعكس فإنه يختلف باختلاف الأزمان والأشخاص والأمكنة وكدفن المؤمن الجليل القدر قريبا من المزبلة فإنه يعد إهانة له فيحرم وكإنزال الضيف الشريف في مرابط الدواب فإنه يعد إهانة مع إمكان غيره بخلاف المكاري وقد