من أن الحكم لا يغير الموضوع. إذا عرفت هذا فاعلم أن وجوب تعظيم المخلوق من جماد وإنسان واحترامه والتبرك به وإطاعته والقيام في خدمته بغاية الذل والخضوع وما ينتظم في هذا السلك ثابت في الشرع بلا شك ولا ريب، فقد أمر الله الملائكة بالسجود لآدم والولد بتعظيم الوالدين وخفض جناح الذل لهما وأمر بإطاعة الرسول وأولي الأمر منا بالائتمار بأمره والانتهاء عن نهيه وعدم رفع أصواتنا فوق صوته وأمر بتعظيم المساجد والكعبة والطواف بها وتعظيم المقام والحجر الأسود وبئر زمزم والتبرك بمائه وتعظيم الحرم إلى غير ذلك مما ورد في الشرع فلا بد حينئذ من التزام أحد أمرين إما القول بأنه ليس كل تعظيم عبادة وشركا أو القول بأن الله أمر بالشرك وعبادة غيره! ولما كان الشرك قبيحا منهيا عنه موجبا للخلود في نار جهنم يغفر الله ما دونه من الذنوب ولا يغفره بنص القرآن الكريم لم يمكن أن يأمر الله به فتعين القول بأنه ليس كل تعظيم عبادة موجبة للشرك.
(١١١)