ظاهر في عدم إمكان الاطلاع عليه وكلاهما فاسد فإن كثرة العلماء لا تمنع من اتفاقهم لا عقلا ولا نقلا والاطلاع عليه أيضا ممكن وواقع بملاحظة الفتاوى وعمل المسلمين وعدم نقل الخلاف وقرائن أخر: فإنا نعلم علما ضروريا باتفاق العلماء على أن البنتين لهما الثلثان في الميراث بالفرض إذا انفردن عن الإخوة لا النصف وإن لم نشافه جميع العلماء ونطلع على فتاواهم تفصيلا وأمثال ذلك في الشرعيات كثير كما نعلم علما ضروريا بإجماعهم على استحباب زيارة النبي " ص " وتعظيم قبره وحجرته ورجحان بنائها والتبرك به وبها وجواز بناء القبور وبناء القباب عليها لاستمرار سيرتهم على ذلك قولا وفعلا من الصدر الأول إلى اليوم وعدم نهي أحد عنه من الصحابة فمن بعدهم قبل الوهابية بل الإنصاف أنه ما من مسألة اتفق عليها المسلمون قولا وعملا من جميع المذاهب مثل هذه المسألة.
* الثامن * الأصل الإباحة فيما لا نص فيه ولم يقم دليل على تحريمه لحكم العقل بقبح العقاب بلا بيان ولقوله تعالى: (خلق لكم ما في الأرض جميعا) أي لانتفاعكم. وقوله تعالى: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) وبعث الرسول كناية عن وصول الأحكام وإلا فمجرد البعث قبل تبليغ الأحكام لا تتم به الحجة. وقوله تعالى: (قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به. الآية) وأمثالها من الآيات.
* التاسع * البدعة إدخال ما ليس من الدين في الدين ولا يحتاج تحريمها إلى دليل خاص لحكم العقل بعدم جواز الزيادة على أحكام الله تعالى ولا التنقيص منها لاختصاص ذلك به تعالى وبأنبيائه الذين لا يصدرون إلا عن أمره مع أنه قد ورد النص بأن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار. وأما تشخيصها فهو مما يقع فيه الاشتباه فكم بدعة عدت سنة وبالعكس. وسبب الاشتباه أما خطأ في الدليل المستدل به على أن ذلك من الشرع أوليس منه أو تقليد من سنها لحسن الظن به مع أنه مبدع أو توهم أنه لا بد من ورود النص بها بالخصوص مع دخولها في عمومه أو إطلاقه كما وقع في زماننا من بعض المتشددين فقالوا إن القيام عند ذكر ولادة النبي " ص " بدعة لعدم ورود النص به والحال أنه يكفي فيه عموم ما فهم من