وبعضهم استحل سبي الذرية كما سيأتي في الباب الأول ولم يخاطبوه إلا بقولهم يا مشرك وجعلوا دار الإسلام دار حرب ودارهم دار إيمان تجب الهجرة إليها وحكموا بقتال تارك الفرض وإن لم يكن مستحلا كما في الرسالة الثانية من رسائل الهدية السنية (1) ونقلوه فيها أيضا عن ابن تيمية (2).
قال سليمان بن عبد الوهاب على ما حكي عنه في رسالته في الرد على أخيه محمد بن عبد الوهاب صاحب الدعوة الوهابية: قال ابن القيم: الخوارج لهم خاصيتان مشهورتان فارقوا بهما جماعة المسلمين وأئمتهم إحداهما خروجهم عن السنة وجعلهم ما ليس بسنة سنة والثانية أنهم يكفرون بالذنوب والسيئات ويترتب على ذلك استحلال دماء المسلمين وأموالهم وأن دار الإسلام دار حرب ودارهم هي دار الإيمان فينبغي للمسلم أن يحذر من هذين الأصلين الخبيثين وما يتولد عنهما من بغض المسلمين وذمهم ولعنهم واستحلال دمائهم وأموالهم وعامة البدع إنما تنشأ من هذين الأصلين " انتهى ".
وهذا الذي ذكره بعينه موجود في الوهابية.
" رابعا " كما أن الخوارج استندوا في شبهتهم هذه إلى ظواهر بعض الآيات والأدلة التي زعموها دالة على أن كل كبيرة كفر. كذلك الوهابيون استندوا في هذه الشبهة إلى ظواهر بعض الآيات والأدلة التي توهموها دالة على أن الاستغاثة والاستعانة بغير الله شرك وعلى غير ذلك من معتقداتهم كما يظهر من استشهاداتهم بالآيات التي لا دلالة فيها على معتقداتهم عند نقلنا لها. وسيأتي في الأمر العاشر عدة روايات تشير إلى ذلك.
" خامسا " كما أن الخوارج استحلوا قتال ملوك الإسلام والخروج عليهم لأنهم باعتقادهم أئمة ضلال كذلك الوهابيون استحلوا قتال ملوك الإسلام وأمرائه لأنهم باعتقادهم أئمة ضلال ناصرون للشرك والبدع.
" سادسا " كما أن الخوارج لا يبالون بالموت ويقدمون على الحرب لأنهم رائحون بزعمهم إلى الجنة حتى أن بعضهم طعن برمح فمشى والرمح فيه إلى طاعنه فقتله وهو يتلو:
" وعجلت إليك ربي لترضى ".
كذلك الوهابيون يظهرون بسالة وإقداما ولا يبالون بالموت لأنهم بزعمهم رائحون إلى الجنة ويقولون في حروبهم مع المسلمين: