الدليل الثاني:
قوله تعالى: ﴿كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله..﴾ (163).
أقول: الكلام في هذه الآية كالكلام في الآية السابقة تماما، فاللفظ عام، فإن أريد به العموم، فنحن نعرف الأمة أن فيها الصالحون وفيها غير ذلك، وإن أريد الصحابة (164)، فكذلك فيهم الصالحون من المهاجرين والأنصار ومن سار على نهجهم، وفيهم غير هؤلاء، فلا تنزل على كل فرد، وإلا فسنضرب القرآن بعضه ببعض.
ثم قد أورد ابن جرير الطبري (165) بأن المرادين في الآية هنا هم (الذين هاجروا مع النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة) فأخرجهم الله للناس، وكانوا خير أمة أخرجت للناس.
وهذا - إن صح من حيث الإسناد - فهو يتفق مع قولنا بأن الصحابة الصحبة الشرعية هم المهاجرون والأنصار، فكانت هذه الآية خاصة في مدح المهاجرين منهم فقط، لكونهم أقدم إسلاما، وأكثر تحملا للمشاق، وهجران الأوطان، لأجل دين الله.
ولذلك روي عن عمر أنه قال: (تكون - أي هذه الآية - لأولنا ولا تكون لآخرنا).