مثل الأمر بعدم رفع الصوت فوق صوت النبي (صلى الله عليه وسلم)، وإما ذم لبعض من لهم سوابق تشفع لهم كحاطب مثلا.
وإما ذم عام وأريد به الخصوص يعني أريد به طائفة منهم، وتعرف هذه الطائفة، إما بسبب نزول أو بمعرفة صفتها في آيات أخرى جاء ذكرهم صريحا، وكانت لهم سوابق، وكانت ذنوبهم درسا لهم ولغيرهم، فرجعوا وتذكروا، أو تكون النصوص نازلة على كثير من المتأخرين في الإسلام، الذين لم يصدر منهم في عهد النبوة ما يطمئن إلى صحة إسلامهم من قوة جهاد وقوة إنفاق.
إذا فالقائل بأن الله عدلهم في كتابه، إذا أراد بأن الله عدل المهاجرين والأنصار، فقد صدق، وإن أراد أن الله قد عدل أمثال الحكم، وحرقوص بن زهير، والوليد بن عقبة، وأمثالهم فقد كذب على الله، وحمل كلام الله ما لم يحتمل، وهذه من وساوس الشيطان لهؤلاء الناس، حتى يقولوا على الله ما لا يعلمون، كما قال تعالى في التحذير من الشيطان: (إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون)، وما أكثر المتقولين على الله بين المسلمين خاصة في الأزمنة المتأخرة، يأتيهم الشيطان من الباب الذي فيه عاطفتهم، وميل قلوبهم، حتى يوردوا آيات في غير ما أنزلت فيه وفي غير ما أزلت له، فيتم تحريف مراد الله عز وجل، بل اطلعت على تحريف بعض هؤلاء لمعاني آيات صريحة واضحة ليس فيها أية لبس، لكن الشيطان بسيفه، ورمحه (الجهل والهوى) أوقع هؤلاء في اعتقادات خاطئة، ثم أخذ عليهم أن يلزموا الناس بها، حتى تحدث الفرقة والتنازع، وقبل ذلك يحدث صرف مدلول الآيات الكريمة ومعانيها، وقد نجح الشيطان مع كثير منهم، فأصبح يقول على الله ما لا يعلم، بل يقول على الله بخلاف ما أنزل صريحا، نسأل الله الهداية والعافية.