الصحبة والصحابة - حسن بن فرحان المالكي - الصفحة ٩٤
لنا الأحاديث في ذم بعض من وصف بالصحبة كحرقوص بن زهير، وقاتل عمار، والوليد بن عقبة، والحكم، ونحوهم، وتجدهم يذمون سيرة هؤلاء، ولا يفهمون من (عدالة الصحابة) عدم تجريح أمثال هؤلاء كما يفعل بعض المعاصرين، كما لم يردوا الأحاديث الواردة في ذمهم، ولا يعدلون كل من وصف بالصحبة فتجد بعضهم يقول عن بسر بن أبي أرطأة: (كانت له صحبة ولم تكن له استقامة)!!، ونجد بعضهم يطلق على الوليد (الفاسق)، ولهم أقوال كثيرة تتفق مع ما ذكرناه من ذم بعض من وصف بالصحبة، أما غلاة المعاصرين فليسوا لا على مذهب المحدثين، ولا مذهب الأصوليين، وليس لهم سلف فيما يعتقدون إلا بعض غلاة الحنابلة أمثال البربهاري وابن بطة وابن حامد المتأثرين بنواصب الشام الذين بالغوا في تعريف الصحبة وفضلها، حتى يحموا بها بعض الطلقاء، الذين كان لهم أثر سيئ في الأمة، ثم قصر الصحبة على المهاجرين والأنصار لا يؤثر كثيرا في الأحاديث المنقولة إلينا، وليس الخلاف في بعض هؤلاء أولى بالضرر على الحديث من الخلاف في بعض التابعين أو تابعيهم لمن تأمل هذا الأمر (152).
ثم قد سبق أن ذكرت عددا لا بأس به من علماء الحديث الذين يذهبون خلاف ما ذكر المعترض، ويمكن مراجعة ذلك فيما سبق.
والذي أسماه المعترض (مما استقر عليه المحدثون) فيه نظر من أكثر من وجه:

(152) بمعنى أن الضرر الذي يلحق الأحاديث عند الخلاف في عدالة الحارث الأعور مثلا أكثر من الضرر الذي يلحق الأحاديث في الخلف في عدالة رجل مثل بسر بن أبي أرطأة، فالحارث روى أحاديث كثيرة وبسر لم يرو إلا حديثين فقط، فإذا كان الحارث ثقة فات مضعفه حديث كثير وإن كان الحارث ضعيفا فقد قبل موثقه شرا كثيرا وكذبا على الرسول (صلى الله عليه وسلم). أما الاختلاف في بسر فأقل من هذا، فإن فات خير برده فلن يكون كثيرا وإن حصل شر بقبوله فليس شرا كثيرا، ما هما إلا حديثان لكن الشر يأتي من اتخاذه قدوة وأسوة أو المبالغة في تبرير أعماله وعدم البراءة منها...
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»
الفهرست