الصحبة والصحابة - حسن بن فرحان المالكي - الصفحة ١٠٦
وقال بعضهم: كنتم خير أمة بهذه الشروط الموجودة في الآية من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان بالله (166)، وهذا يخرج من الأمة من كان فاعلا للمنكرات، غير آمر بالمعروف، ولا مؤمنا بالله الإيمان، المستحق للشهادة بالجنة والشهادة بالعدالة.
وإذا قال قائل: كيف تخرج بعض الصحابة من هذه الآية وقد عمم بعض المفسرين ذلك في كل الصحابة لم يستثنوا أحدا؟!.
أقول: أقوال المفسرين ليست أولى بالتقديم من آيات القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة، وللمفسرين أوهام يتناقلونها عن بعضهم، مثلما للفقهاء وللمحدثين أوهام يتناقلونها، ثم يحررها بعضهم فيما بعد، ومن أخطاء كثير من المفسرين أنهم لا يجمعون لك الأدلة مع الأدلة التي يتوهم منها المعارضة في مكان واحد، ثم يجمعون بينها أو يرجحون، وإنما ينطلقون مع الآية دون النظر في الآيات الأخرى، ولو جاءوا بآيات الذم العام عند الثناء العام ثم يبينون لنا أن هذا لا يعني التناقض، وإنما هذه الآيات تكون في حق هؤلاء، وهذه الآيات في حق هؤلاء، لكان هذا تفسيرا أفضل، لكونه يزيل عن الأذهان ما تتوهمه من تعارض وتدافع!!.
ثم أنتم لا تحتجون بالمفسرين عندما يأتون ويذمون بعض الصحابة (167) كالوليد بن عقبة، فإنهم اتفقوا على أن آية: (.. إن جاءكم فاسق بنبأ) نزلت في الوليد، وذكروا صحابة آخرين نزلت فيهم آيات في ذمهم، وذم طريقتهم، فلماذا تحتجون بالمفسرين إذا شئتم وتتركونهم إذا شئتم؟!
هل هذا إلا بالغ التعصب؟!.
وقد يقول قائل: وأنت ألست تأخذ بأقوالهم في الوليد، وتترك أقوالهم في تبرئة كل الصحابة؟!.

(166) راجع تفسير ابن كثير والطبري وغيرهما للآية الكريمة.
(167) حسب تعريفكم.
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»
الفهرست