الدليل الأول:
قوله تعالى: ﴿وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا﴾ (161).
أقول: هذه الآية إما أنها خطاب لجميع الأمة، كما ذهب إليه بعض المفسرين، وروى البخاري في صحيحه ما يدل على ذلك (162).
وإما يكون المراد بها الصحابة.
فإن أريد بها الأمر الأول، فالآية حجة لنا لا علينا، لأننا نعلم أن الآية لا تنزل على جميع أفراد الأمة، وكل الناس متفقون على أن في الأمة من ليس عدلا كالحجاج مثلا، وعلى هذا فالآية لا تنزل على جميع أفراد الأمة فتفيد عدالتهم، وإنما العدالة للعموم، بل للصالحين منهم.
وأما من قال أن المراد بها الصحابة فعليه الدليل، فإن ثبت الدليل فلا تنزل على كل أفراد الصحابة مثلما لا تنزل على كل أفراد الأمة، فمثلما الثناء على الأمة لا نستطيع إنزاله على كل أفرادها، فكذلك الثناء على جيل النبي (صلى الله عليه وسلم) لا نستطيع إنزاله على كل فرد منهم ممن رأى النبي (صلى الله عليه وسلم)، لورود أدلة صحيحة لها دلالة صريحة تعارض المظنون من دلالة الآية، وإذا تعارض حديث صريح مع مظنون آية