الصحبة والصحابة - حسن بن فرحان المالكي - الصفحة ١٤٢
هل كل من صحب فهو صاحب؟!
اللغة تجيز لنا أن تشتق اسم الفاعل لأي شئ وقع منه فعل معين.
أما الاصطلاح: فلا يجوز أن يطلق اسم الفاعل على شخص وقع منه الفعل في لحظة معينة، لأن اسم الفاعل - اصطلاحا - لا يطلق إلا على الملازم ونحوه.
أقول: بمعنى أن اسم الفاعل له دلالة غير دلالة الفعل، والأدلة على ذلك:
جاهل - عالم - صادق كاذب - عادل - ظالم - ناجح - فاشل -... (210) الخ.
لا تطلق عرفا إلا على من غلبت عليه الصفة، أما في اللغة فيجوز إطلاقها أو اشتقاق الفعل من الفاعل والعكس.
وقال الشيخ عبد الرحمن الحكمي:

(210) كلمة جاهل من حيث اللغة يجوز إطلاقها على من جهل ولو أمرا واحدا فيقال (جهل بهذا الأمر فهو جاهل) وكذلك من حيث اللغة يجوز أن نطلق ظالم على من ظلم ولو في قضية واحدة فنقول:
(ظلم فلان فلانا فهو ظالم) ولكن من حيث الاصطلاح والعرف لا يجوز لنا أن نطلق كلمة (ظالم) إلا على من غلب عليه الظلم وهكذا في صادق وكاذب وناجح وفاشل.. الخ، إذن فالمحتجون باللغة في إثبات صحبة كل من صحب ولو صحبة يسيرة سيؤدي بهم هذا إلى التناقض، وعلى سبيل المثال فلو قلنا عن رجل ظلم في قضية (ظالم) ثم عدل في أخرى وقلنا فيه (عادل) فمعنى هذا أننا سنقول عنه (عادل ظالم) وهذا تناقض ولا بد - عند العرف والاصطلاح - من التقييد فنقول: فلان عادل (إذا غلب عليه العدل) وفلان ظالم: (إذا غلب عليه الظلم) وهكذا نقول في: عالم، جاهل،... الخ، وعلى هذا كله: نستطيع من حيث اللغة أن نسمي كل من صحب النبي (صلى الله عليه وسلم) ولو ساعة (صاحب) لكن العرف لا يجيز ذلك إلا مع (طول ملازمة ومعاشرة) بحيث يصح أن يقال: فلان صاحب فلان، أو من أصحاب فلان. أما الشرع فهو أخص من العرف إذ حددت النصوص الشرعية الصحبة الشرعية بمن أسلم قبل صلح الحديبية وبقي على حسن الإسلام والسيرة.
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 137 138 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»
الفهرست